الأربعاء، 15 يناير 2014

غضب فاطمة بشأن فدك وسلامة موقف ابي بكر

غضب فاطمة بشأن فدك وسلامة موقف ابي بكر
في نقاش مع أحد الشيعة قال لي "بدأ معك بسبب عدم اعترافي بالصحابة ، صحيح مسلم يثبت ان فاطمة ماتت وهي غاضبة على الشيخين واغتصاب الخلافة من علي" وقد ورد في البخاري ومسلم وغيرهما ان فاطمة غضبت على ابي بكر ،، وأقول ان هذا امر لا إشكال فيه للأمور التالية :
1-  ان فاطمة بشر وليس في عقيدتنا انه لا يكون الحق إلا معها ،، ففي عقيدتنا وهذا ثابت بنصوص قطعية من القرآن انه لا يوجد بشر معصوم عن الوقوع في الخطأ او السهو او الذنب او النسيان حتى الرسل ،، وفاطمة رضي الله عنها بشر يُخطئ ويُصيب ولا نشك للحظة ان الصواب في امر فدك هو مع ابي بكر علما ان غضب فاطمة لم يكن إلا بشأن فدك فقط
فإن كان صاحبنا يرى ان الحق مع فاطمة فيجب ان ينتقل النقاش لمسألة إن كان الأنبياء يورثون او لا يورثون وإن كان يوافق على ان الأنبياء لا يورثون فنستمر في مسألة فاطمة علما ان حديث الأنبياء لا يورثون هو من الأحاديث المتواترة عن النبي
2-  فاطمة عندنا هي بنت من بنات النبي وله مكانتها عندنا ومكانتها عندنا ليس بسبب قرابتها من النبي وإنما مكانتها لأنها مؤمنة ذات دين وورع ثم يزيدها قرابتها من النبي مكانة على مكانتها ،، فهذا العباس له مكانة عندنا في حين ان ابا لهب ليست له مكانة عندنا مع ان كلاهما اعمام للنبي ولهما ذات قرابة الدم من النبي
3-  اننا لا نشك للحظة ان ابناء الأنبياء لا يُشترط ان يكونوا اتقياء او حتى مسلمين ،، فهذا نوح نعلم يقينا ان ابنه كافر بنص القرآن وهذا ابراهيم نجد ان اباه كافرا بنص القرآن
فالقرابة من الأنبياء لا تجعلهم يحظون بأنه يجب ان يكونوا لزاما مؤمنين او اتقياء ،، واما الخطأ والذنب والسهو والنسيان فهذا يقع من كل البشر بما فيهم الرسل إذ ان عصمة الأنبياء هي فيما يبلّغونه من امر الدين وهذا ما يدل عليه صريح القرآن
4-  ان فاطمة حين طلبت ميراثها من فدك لم تكن تعلم ان الأنبياء لا يورثون ،، وهذا لا يقدح في مكانتها فهي فاضلة وابو بكر فاضل ،، ففاطمة ابنت النبي وابو بكر لا نعلم في هذه الأمة صديق غيره كما ان أبا بكر هو افضل هذه الأمة بعد نبيها
5-  نعلم فيما يخص مسألة الميراث ان الحق مع ابي بكر وان أبا بكر قدم طاعة الله وطاعة رسوله على طلب فاطمة وهذا هو الصواب وهذا ما يريده الله ورسوله وهذا ما يجب ان يكون
6-  ان غضب فاطمة هو غضب بشر على بشر ،، غضب فاضل على فاضل ،، وإن لفاطمة من التقوى والطاعات ما يجعل غضبها هذا لا يقدح فيها ،، فالعمل بشرع الله يجب الا يغضب منه أحدا لا فاطمة ولا غيرها ،، وإن فاطمة اكرم من ان تغضب وتخالف شرع الله لولا انه خفي عليها ان الأنبياء لا يُورثون
7-  ان محبة فاطمة ومودتها هو امر واجب على كل مسلم لما ورد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحِبُّوكُمْ لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِي) ،، إلا ان إقامة شرع الله وطاعة الله ورسوله مقدم على أي امر آخر حتى لو كان من جهة فاطمة
وإن محبة اهل السنة لقرابة النبي ثابتة إذ انه مسطر في كتب اهل السنة ،، فنجد ان شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة يقول في رده على ابن المطهر ما نصه :
وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَحَبَّةَ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجِبَةٌ، لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ وُجُوبُهَا بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلَا مَحَبَّتُهُمْ أَجْرٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَلْ هُوَ مِمَّا أَمَرَنَا اللَّهُ بِهِ، كَمَا أَمَرَنَا بِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ خَطَبَ أَصْحَابَهُ بِغَدِيرٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، فَقَالَ: «أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» ". وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُحِبُّوكُمْ لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِي» " فَمَنْ جَعَلَ [مَحَبَّةَ] أَهْلِ بَيْتِهِ أَجْرًا لَهُ يُوَفِّيهِ إِيَّاهُ فَقَدَ أَخْطَأَ خَطَأً عَظِيمًا، وَلَوْ كَانَ أَجْرًا لَهُ لَمْ نُثَبْ عَلَيْهِ نَحْنُ، لِأَنَّا أَعْطَيْنَاهُ أَجْرَهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ بِالرِّسَالَةِ، فَهَلْ يَقُولُ مُسْلِمٌ مِثْلَ هَذَا؟!
وقال ابن تيمية في العقيدة الواسطية : اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة اهل السنة والجماعة تحت باب : [مكانة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة] :
وَيُحِبُّونَ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَتَوَلَّوْنَهُمْ. وَيَحْفَظُونَ فِيهِمْ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حَيْثُ قَالَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: «أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» . وَقَالَ أَيْضًا لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ؛ وَقَدْ شَكَا إِلَيْهِ أَنَّ بَعْضَ قُرَيْشٍ يَجْفُو بَنِي هَاشِمٍ؛ فَقَالَ: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحِبُّوكُمْ لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِي» .
8-  وقد ورد انه عندما مرضت فاطمة أتى إليها ابو بكر الصديق فاستأذن عليها فقال علي يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك فقالت أﺗﺤﺐ أن آذن ﻟﻪ قال نعم فأذنت له فدخل عليها يترضاها فقال والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله ومرضاتكم اهل البيت ثم ترضاها حتى رضيت
وإن معتقد اهل السنة في فاطمة انها بشر مثلها مثل غيرها من البشر الأتقياء وإننا نحبها لإيمانها ولأنها ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،، وإنك لتجد في كتبنا التي هي تعبير عن معتقداتنا اننا نحبها كما نحب كل قرابة النبي المؤمنين ولكننا لا نغلو في فاطمة او في بقية قرابة النبي فلا نقول فيها إلا الحق وإني اتحدى اي احد ان يجد ان أحدا من اهل السنة يطعن او ينتقص من فاطمة او من احد من قرابة النبي المؤمنين او ان احدا من اهل السنة يُبغضهم بل إنك لتجد ان كتبنا هي من يروي فضائلهم ،، نحن نحبهم كما هم على حقيقتهم بدون غلو فيهم كما اننا نحب عيسى كما هو على حقيقته ولكن النصارى يعتقدون فيه معتقدات لا تصح ونحن نكفر بها كما ان الذين غلو في علي وفاطمة وابناءها لهم معتقدات فيهم لا تصح ونحن نكفر بتلك المعتقدات فيهم كما نكفر بالمعتقدات التي يعتقدها النصارى في عيسى
ولنا ان نسأل سؤال ،، ماذا كان يجب على ابي بكر ان يعمله تجاه فاطمة وفدك ،، لا شك ان العمل بشرع الله مقدم على كل انسان حتى لو كانت فاطمة ،، فشرع الله واجب الطاعة والإتباع ،، ومما لا شك فيه ان النبي لا يُرضيه إلا ما عمله أبو بكر في امر فدك فالنبي هو من اخبر ان الأنبياء لا يُورثون ،، كما اننا كلنا نحن البشر عبيد لله وأن الأقرب لله سبحانه وتعالى من كان اتقى لله وليس من كان فلان ابن فلان ،، يقول سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) فليس لأحد مكانة عند الله إلا بعمله وتقواه وقد ثبت في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (ومن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه) وهذا يشمل فاطمة أيضا فقرابتها من النبي لا تقدمها عند الله شيئا وإنما يحبها المسلمون لقرابتها من النبي ولفضلها
وآخر مسألة هي ان غضب فاطمة لا يُثبت اي معتقد من معتقدات الشيعة فلا غضبها يُثبت ان الإمامة حق ولا يُثبت العصمة لعلي وفاطمة وبعض ابناءها
والآن ارى لزاما عليك ان توافقني او ان تُثبت بنقل صحيح ان الأنبياء يُورثون