الثلاثاء، 31 مايو 2016

حديث توسل الأعمى بالنبي

حديث توسل الأعمى بالنبي
هناك من يسأل عن حديث توسل الأعمى بالنبي فرد الله بصره ،، وهذا حديث نرى ان بعض من يحبون التوسل بذات النبي يحبونه ويؤمنون به ،، وقد صحح بعض اهل العلم ذلك الحديث ولست من اهل هذا الفن لأبحث فيه
ومن منطلق ان لدي إشكالية في ذلك الحديث ستتضح بإذن الله في هذه الكتابة فإنني اريد ان يكون الرد على الحديث من محورين اثنين
المحور الأول وهو الأهم عندي انني اريد الحيثيات التي بناء عليها جعلت البعض يؤمن بصحة هذا الحديث وفق ما يرونه هم من منطوق الحديث ،، هل مثلا إتصال السند وعدالة الرواة وضبطهم هي ما جعلتهم يؤمنون به ،، أم ان تصحيح بعض علماء اهل السنة له هو ما جعلهم يؤمنون به ،، إن كان كذلك فهل كل الاحاديث الاخرى التي تتوفر فيها ذات الأمور او صححها ذات العلماء هم يؤمنون بها ،، ام انهم يؤمنون ببعض دون بعض
إن معرفة السبب الذي بموجبه آمنوا بذلك الحديث امر مهم ،، لأننا سنلزمهم بالإيمان بكل حديث تتحقق فيه تلك الحيثيات التي جعلتهم يؤمنون بحديث الأعمى وإلا كان إيمانهم ليس منبعثا من تحقق تلك الشروط
المحور الثاني ان هذا الحديث ليس له ما يسانده او يقول بمثله لا من القرآن ولا من السنة ولا مما عليه السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ،، وهو حديث آحاد وقد ثبت من احاديث عديدة اخرى تعارضها مع هذا الحديث
وهذا ما يبين اهمية المحور الأول لأنه مع وجود احاديث اصح من حديث توسل الضرير وتعارضه فالواجب الأخذ بالأصح الثابت الذي نص عليه القرآن والسنة وترك ما خالفها
ولا شك ان الشرع مستويات
فهناك ما هو امر مباشر صريح كقول الله تعالى (ادعوني) فهو امر للناس بالدعاء وكقول الله سبحانه وتعالى (صلوا على النبي) فهذا لا خلاف فيه انه مطلوب شرعا
وهناك ما هو مباح والأولى ما هو خير منه كما في قوله تعالى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)) فجزاء سيئة سيئة مثلها وخير من ذلك من يعفوا ويصلح
وهنا بيت القصيد ،، فمن يؤمن بالتوسل بجاه النبي او بالبشر او بأصحاب قبور ويرى ان ذلك هو الشرع لمثل حديث الأعمى ثم هو لا يلتفت إلى الآيات العديدة والأحاديث الثابتة التي تأمر الناس بالتوجه إلى الله بالدعاء ،، فلماذا
فلماذا يترك البعض ما امر الله به من دعاءه سبحانه وما ثبت في حديث النبي الا نسأل إلا الله ثم يترك ذلك كله رغم تعدده وتنوعه في القرآن والسنة ليتمسك بحديث الأعمى ،، إن ذلك مدعاة للنظر وللشك في من يصر على التمسك بحديث الأعمى
فمن ذلك فمن يريد التمسك بحديث الأعمى تدينا وحبا لله فعليه ان يتمسك بما هو اثبت واصح وأكد مما هو في كتاب الله وفي سنة نبيه ،، كما ان عليه الا يرد ما هو اصح واثبت واكثر ذكرا في القرآن والسنة بحديث واحد ورد عن النبي وليس له ما يؤكده لا في القرآن ولا في السنة
ولقد بيّن الله في القرآن في قصص عديدة توجه العباد إلى الله مباشرة في دعاءه والإستغاثة به ولا يوجد في القرآن ولا موضع واحد ذكر الله فيه او امتدح ان يتوسل المرء بعبد صالح او بنبي مرسل ،، فلماذا ،، لو كان ذلك مشروعا او هو خير لهدانا الله إليه
كذلك لا توجد في سنة النبي ولا فيما عليه السابقين الأولين غير حديث الأعمى ،، فلا نجد ان الصحابة في القحط توجهوا إلى الله بجاه النبي يسألونه المطر ولا رأينا المرأة التي كانت تصرع فقال لها النبي إن شئت صبرت ولك الجنة فقالت اصبر ولكني اتكشف فأدع الله الا اتكشف فلم يرد مثلا انها توجهت إلى الله بالدعاء وقالت يا رب اتوجه إليك بنبيك محمد الا اتكشف
فلماذا البعض تدفعهم نفوسهم إلى التوسل ببشر وهو امر لم يأمر الله به ولا ورد عن رسوله إلا في حديث الأعمى وهو حديث آحاد وليس له ما يؤيده في السنة ولا فيما عليه السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار

والله اعلم

الخميس، 26 مايو 2016

هل نحذر من تفسير القرآن

هل نحذر من تفسير القرآن
نصحني ناصح بالحذر في تفسير القرآن فأقول:
نصيحة قيمة ولكن اختلف معك في ذلك الأمر
ولكن لنعيد صياغة العبارة بطريقة أخرى فنقول: هل نحذر من فهم القرآن بأنفسنا
نحن البشر بحاجة إلى معرفة الطريق الذي يريده الله
حتى نعمل بما يرضي الله سبحانه وتعالى
ولا يمكن لنا ذلك إلا بمعرفة مراد الله من واقع كلام الله ومن واقع ما ثبت من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
ومؤكد ان عندنا نحن البشر آلية معرفة الحق من الباطل
وإلا لكان البشر معذورين في عدم معرفة الصواب
ومؤكد ان كل فرد بنفسه قادر على ذلك
وإلا لكان كل فرد مع شيخه ،، إن ضل شيخه ضل معه وان اهتدى اهتدى معه
وحتى ابين المقصود سأضرب مثالا فأقول
لنفترض جدلا انني ولدت على مذهب باطل من المذاهب التي تنتسب إلى الإسلام
ثم اخذت بقولك هذا فرأيت الا أحاول فهم كتاب الله بنفسي
بل خوفا من ان ازل في ذلك أصبحت آخذ التفسير من علمائي
مع تحفظي على كلمة تفسير لأن التفسير لا يكون إلا للشيء الغامض
وكتاب الله ليس غامض بل هو بلسان عربي مبين
فإذا كان علمائي على ضلال فأكون تبعتهم على ضلالهم
وليس لي عذر امام الله
وإننا لنلاحظ ان كل علماء كل مذهب يؤولون الآيات وفق تصوراتهم
وكل اتباع فرقة تؤمن بتأويل علماءها
ومعلوم ان الحق واحد
وهذا يثبت ان ترك فهم القرآن إلا عبر تأويلات علماءنا ليس طريقا لمعرفة الحق
فلا مناص من ان نسعى بطريقين لمعرفة الحق
الأول ان نتوجه إلى الله بالدعاء ان يهدينا إلى الحق
والثاني ان نسعى جاهدين في البحث عن ذلك الحق مخلصين في ذلك
ومؤكد ان من أخلص نيته وتوجه إلى الله يسأله الهداية فإنه يجد الحق
ومن المستحيل على من يريد الحق الا يهتدي إليه
وإلا لكان الناس معذورين حين يضلون
وقد هدانا الله ان نقول "اهدنا الصراط المستقيم"
وهو دعاء نطلب فيه من الله ان يهدينا إلى الصراط المستقيم
ولنتخيل ان النصراني مثلا يعتقد انه على صواب بسبب ما عليه قومه ولثقته في علماءه
او ان بوذي يعتقد انه على صواب وقد عطل فكره معتمدا على ثقته علماءه
اليس في ذلك مجانبة للصواب
الم نرى ان الله عاب على من سبقنا انهم ألفوا اباءهم ضالين فهم على اثارهم يهرعون
قال سبحانه وتعالى (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70)
وقال سبحانه وتعالى (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25))
فهذه دلالات صريحة ان على المرء ان يتحقق مما عليه آباءه
فهل على من كان على مذهب باطل الا يبحث عن الحق بنفسه وإنما يكتفي بثقته في علماءه وهو وحظه
اليس كل من ينتسب إلى الإسلام من تلك الفرق يرى انه هو الصواب وغيره هو المخطئ
هل رأينا علماء مذهب نرى انه على ضلال انهم يقولون انهم ضالين وانهم متمسكين بضلالهم
كل فرقة تدّعي انها هي الحق
وكل افراد فرقة او مذهب يظنون انهم هم الذين على الحق
من واقع تمسكهم بما عليه آباءهم وإحسان ظنهم في علماءهم
والقناعة بتفسير علماءهم لآيات القرآن
من منّا من استمع إلى الآخرين لعل الحق يكون معهم
من منّا راجع تأؤيل علماءه ليتحقق من انه حق وليس تحريف وانه مبني على ثوابت وليس مبني على نقولات لا تصح
من منّا تحقق من صحة النقولات في كتبه او تحقق ان تأويلات علماءه لآيات تتوافق مع الحقائق او مع ما صح وثبت او على الأقل ان تأويلات علماءه تتوافق مع لغة العرب
إذا كان أصحاب كل مذهب يرون انهم الحق ويرفضون ان يأخذوا إلا من علماءهم فهم سيكونون مع علماءهم ،، إن كان علماءهم ضالين ضلوا معهم وإن كان علماءهم على الحق كانوا فيه معهم
وإنك لترين علماء كل مذهب لديهم ما يخالف غيرهم في استنباطهم من القرآن
اعود فأقول ان مقولة الا نحاول فهم القرآن بأنفسنا وإنما يعتمد أصحاب كل مذهب على علماءه فلن يهتدي اهل الضلال إلى الحق
وإنك لترين من سبقنا من الأمم منهم من يلوون السنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ،، وانك لترين ان الله اخبر انهم يقولون على الله الكذب وهم يعلمون
يقولون على الله الكذب فيصدقهم من قومهم الذين احسنوا الظن بهم وظنوا انهم لا يستطيعون معرفة الكتاب إلا عبر علماءهم الذين يقولون على الله الكذب وهم يعلمون ،، فوقعوا في المحذور
قال سبحانه وتعالى (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78))
اضرب مثالا واحدا لمخالفة تأويل الشيعة الإمامية للحق إذ ان تأويلهم يتعارض مع ما تقتضيه لغة العرب وهو تأويلهم في "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ..."
وإننا لنرى "يؤتون الزكاة" جاءت بصيغة المضارع
وهذا يقتضي ديمومتها وإلا لإنتفى عن صاحبها ان يكون الولي لله
فمثلا لو ان رجلا قال "احب الذي يؤتي الزكاة وهو راكع" ،، فمقتضى قوله انه يحب تلك الصفة فإن تحققت في رجل اليوم كان محبوبا وإن لم تتحقق فيه غدا لم يعد محبوبا
وإذا تحققت تلك الصفة في اكثر من رجل تحقق فيهم كلهم القول
ويمكن لمن لم يكن محبوبا اليوم ان ينال المحبة غدا بإيتاء الزكاة وهو راكع
في حين لو جاءت بصيغة الماضي لصح – لغة واشدد على لغة – ما يقوله الشيعة الإمامية فلو كانت العبارة كما يلي : "احب الذي آتى الزكاة وهو راكع" ،، فمقتضى ذلك ان المحبوب رجل وقد قام بإيتاء الزكاة قبل الكلام وهو راكع
كما ان أداة "إنما" هي أداة حصر وقصر فلو صح ما يقوله الشيعة الإمامية لما كان الإمام إلا علي فقط ولكان دليلا ينفي الإمامة عن الحسن والحسين ومن بعدهم
هذا من حيث اللغة
وهناك آيات نجد ان الصحابة انفسهم فهموها على غير مقصدها فبينها لهم النبي او بينها لهم الصحابة وقد نقلت إلينا بنقولات صحيحة تتوافق مع حقائق الإسلام ومع اللغة كمعنى قوله سبحانه وتعالى (الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) او (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) وكالمقصود من قوله سبحانه وتعالى (لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)
وختاما ،، فإذا كان أصحاب كل مذهب لن يفهموا آيات القرآن إلا وفق اقوال علماءهم وينحصرون فيها دون ان يجتهدوا في ذلك فإن كل اتباع مذهب سيتمسكون بمذهبهم ولو كان مخالفا لدين الله

والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

الثلاثاء، 24 مايو 2016

هل يملك لنا النبي نفعا او ضرا

هل يملك لنا النبي نفعا او ضرا
امام سؤال في تويتر عن سبب اقتطاع استثناء ورد في قوله سبحانه وتعالى:
قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)
بداية فمن طريقتي ان انظر اولا في حقيقة ما يحمله النص من معاني، لكي أحصره على او اتوسع به إلى ما يدل عليه بغض النظر إلى ما يقوله الناس، فقد رأيت البعض يقصر نصوص هي اوسع مما يقول او يتوسع في نصوص هي لم تتوسع كما يقول او يفسر نصوص من عنده ليست من النصوص
ثم انظر في القرآن إذا كان يوجد آيات اخرى تتوسع فيما اجملت فيه او تقيد ما أطلقه او تفصل فيما لم تفصل فيه
ثم انظر في آيات القرآن او ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنظر هل ورد فيه ما يؤيد او يعارض ما يقوله الطرف الآخر
وقد انظر قبل ذلك او بعد ذلك في كتب التفسير لأنهم جمعوا ما قيل حول الآية مدار الخلاف لأن ذلك قد يدلني إلى شيء لم انتبه له او يختصر علي البحث مثلا
وفي هذه الآية لم اطلع على كتب التفسير وإنما رجعت إلى القرآن ذاته ثم إلى سنة النبي مما اذكره من احاديث تتعارض مع ما يرونه في هذه الآية والتفصيل كما يلي :
اولا: حقيقة دلالات الآية
لا شك ان هناك حقيقة مهمة تحملها الآية ربما غفلنا عنها وهي لفظ "لنفسي"، علما ان اول الآية ورد تكرر مرتين والآيتان هما:
قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)
قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلا نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (49)
فوجود لفظ "لنفسي" في الآيتين يدل على ان المراد ان النبي لا يملك لنفسه وليس لغيره نفعا او ضرا إلا ما شاء الله
ثانيا: هل ورد عن النبي او رسل الله انهم لا يملكون لغيرهم نفعا ولا ضرا بدون استثناء
نعم ورد ذلك عن نبي الله عيسى حيث امر الله النبي ان يقول :
مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)
كما ورد في قوله سبحانه وتعالى :
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (20) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (22) إِلاَّ بَلاغاً مِنْ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً (23)
ففي هاتين الآيتين نجد ان الله بيّن انهم يعبدون من دون الله ما لا يملك لهم ضرا ولا نفعا وفي الثانية ان الله امر النبي ان يخبر قومه انه لا يملك لهم ضرا ولا رشدا
وفي هذا عموم لم يأتي استثناء يخالفه فثبت ان ذلك هو الأصل
ثالثا: هل وردت آيات تخبر انه لا يوجد أولياء من دون الله لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا وليس فيه استثناء
نعم ورد ذلك كما في قوله سبحانه وتعالى:
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)
ولم يرد استثناء في القرآن يستثني احدا ممن غلى فيهم البشر
رابعا: هل ورد في القرآن نص ينفي ان من اتخذهم بعض الناس آلهة يملكون لأنفسهم ضرا او نفعا وليس فيه استثناء
نعم ورد كما في قوله سبحانه وتعالى:
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً (3)
خامسا: هل بين الله في القرآن انه يوم الحساب لا يملك بعضنا لبعض نفعا ولا ضرا وليس فيه استثناء لرسل او أنبياء او أئمة
نعم ورد كما في قوله سبحانه وتعالى:
فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (42)
سادسا: هل بين القرآن لاحد ممن هم في زمن النبي انه لا يملك لهم أحدا من الله شيئا إن أراد الله بهم ضرا او أراد بهم نفعا
نعم ورد ذلك كما في قوله سبحانه وتعالى:
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (11)
سابعا: هل ورد انه ليس هناك أحدا من دون الله يملك كشف الضر عنهم ولا تحويلا
نعم كما في قوله سبحانه وتعالى:
قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (56)
فمن مجمل الآيات السابقة ثبت انه لا أحد يملك لأحد ضرا ولا نفعا إذ لا يوجد استثناء لما نفاه الله في الآيات السابقة، علما ان من غلى فيهم الرافضة هم بشر مثلهم مثل غيرهم سواء بسواء ليسوا أئمة ولا هم معصومين بل إن حالهم كحال عبدالله بن عباس وعبدالله بن عمر وبلال بن رباح وعبدالله بن عمرو بن العاص وغيرهم
الأدلة من السنة
اما من السنة فقد وردت أحاديث تخالف من يظن ان احدا من دون الله ينفع او يضر وهي كما يلي:
ورد في البخاري ومسلم واللفظ للبخاري قول النبي:
يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا
ولا شك ان هذا يتعارض مع من يظن ان النبي ينفع او يضر
وجاء عند الترمذي وغيره حديث يأمر فيه النبي انه إذا سألنا فلنسأل الله كما في الحديث:
يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ
الخلاصة
ثبت من القرآن والسنة انه لا احد من دون الله ينفع او يضر، وهذا ثابت بآيات عديدة واحاديث وليس هناك استثناء البتة فيكون ذلك هو الحق ومن زعم خلاف ذلك فيكون افترى على الله كذبا
هذا والله اعلم وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

الاثنين، 16 مايو 2016

من هم السابقون الأولون وكيف نتبعهم وقد اختلفوا

من هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار
وكيف نتّبع الصحابة وقد اختلفوا
آية صريحة في كتاب الله تُثنى على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وتثبت لهم الجنة وانهم على الحق كما تُثبت ان من إتبعهم بإحسان فينال رضاء الله والجنة، قال تعالى (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
إذن فموقف السابقين لا شك انه صواب لا يخالطه باطل، بنص القرآن
ويأتي السؤال الأهم من هم السابقون، وإذا كان حصل اختلاف بينهم فيكون الصواب مع من؟
عبر السؤالين السابقين يسعى الشيعة الرافضة للإنسلاخ من الأيمان بأية إتباع السابقين، وفعل الرافضة هذا في حد ذاته كفر بالقرآن إذ انهم يرون ان الله يأمرنا بإتباع من لا يمكن لنا معرفتهم او يأمرنا بإتابع من اختلفوا ولا يمكن معرف الحق منهم، وهذا كفر عناد لا يختلف في ذلك من هداه الله إلى الحق.
ولكن السؤال المطروح من هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار وكيف يأمرنا الله ان نتبعهم ونحن نرى انه قد حصل بينهم اختلاف في مسائل كمسألة من يتولى الخلافة حيث كان الأنصار يريدونها او في مسألة قتال مانعي الزكاة حيث اختلفوا في ذلك
اما السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار فقد حددتهم آية اخرى في كتاب الله حيث بيّن الله انهم من أنفق من قبل الفتح وقاتل كما في قوله سبحانه وتعالى (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى)
وقد يماحك الرافضة في ذلك ويريدون دليل على ان الآية السابقة هي من يحدد السابقون او يريدون النص على اسماء السابقين في القرآن ليتّبعوهم، وهذه مكابرة جاهل معاند، يريد ان يبرر لنفسه مخالفة دين الله.
ولكننا نوقن الآن ان في المهاجرين والأنصار سابقين بنص القرآن وانهم على الحق هم ومن إتبعهم بإحسان، وان المهاجرين والأنصار إذا إتفقوا على امر فهو الحق بنص القرآن.
ولكن بقيت شبهة يثيرها الرافضة يرجون بها التملص من دين الله فيقولون كيف نتّبع الصحابة في المسائل التي اختلفوا فيها، ويقولون وكيف نعرف حين اختلفوا ان الحق مع هذا او مع هذا، اما مسألة الإختلاف فلم يقل القرآن انهم لن يختلفوا، ولكن نعرف ان الحق هو ما إنتهوا إليه، فمثلا حين اختلفوا في قتال مانعي الزكاة نجد انهم إنتهوا إلى وجوب قتالهم فنعرف ان ذلك هو الحق
وكذلك حين اختلفوا فيمن يتولى الخلافة كما حدث في سقيفة بني ساعدة، فقد انتهوا إلى مبايعة ابي بكر الصديق
كذلك حين اختلفوا في خروج جيش اسامة، اختلفوا ولكنهم إنتهوا إلى خروجه لما عقد له رسول الله اللواء له
فما من مسألة اختلف فيها السابقون إلا ونراهم إنتهوا إلى قرار واحد وهذا القرار هو الحق بنص القرآن
قد يقول مكابر من ذوي الضلال من اعداء الله الرافضة فيقول، فمن اين له ان يعرف ان ما إنتهوا إليه هو الحق وليس من كان معارضا ولم يسمعوا له، وهذه شبهة من مكابر، فلا يمكن للسابقين الأولين ان يقبلوا بشيء يخالف حكم الله ولو على رقابهم، فإن انتهى الصحابة إلى شيء واتفقوا عليه فلا يمكن ان يكونوا يرون ذلك باطل ويوافقونه، من اعتقد ان الصحابة السابقين يمكن لهم ترك الحق ومجاراة الباطل فقد كفر بصريح القرآن
وعلى ذلك فكل ما إنتهى إليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار فهو حق بنص القرآن ومن ذلك خلافة ابي بكر وقتال المرتدين ومانعي الزكاة واستخلاف عمر بن الخطاب وصلاة التراويح، فإنها تكون حقا بنص القرآن حيث فعلها السابقون في عهد عمر بن الخطاب، ومن زعم انها بدعة لا تصح فقد كذب صريح القرآن

وعلى ذلك فيكون الدين هو :
1- قال الله
2- قال رسوله
3- ما إنتهى اليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار وإتفقوا عليه