الخميس، 26 مايو 2016

هل نحذر من تفسير القرآن

هل نحذر من تفسير القرآن
نصحني ناصح بالحذر في تفسير القرآن فأقول:
نصيحة قيمة ولكن اختلف معك في ذلك الأمر
ولكن لنعيد صياغة العبارة بطريقة أخرى فنقول: هل نحذر من فهم القرآن بأنفسنا
نحن البشر بحاجة إلى معرفة الطريق الذي يريده الله
حتى نعمل بما يرضي الله سبحانه وتعالى
ولا يمكن لنا ذلك إلا بمعرفة مراد الله من واقع كلام الله ومن واقع ما ثبت من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
ومؤكد ان عندنا نحن البشر آلية معرفة الحق من الباطل
وإلا لكان البشر معذورين في عدم معرفة الصواب
ومؤكد ان كل فرد بنفسه قادر على ذلك
وإلا لكان كل فرد مع شيخه ،، إن ضل شيخه ضل معه وان اهتدى اهتدى معه
وحتى ابين المقصود سأضرب مثالا فأقول
لنفترض جدلا انني ولدت على مذهب باطل من المذاهب التي تنتسب إلى الإسلام
ثم اخذت بقولك هذا فرأيت الا أحاول فهم كتاب الله بنفسي
بل خوفا من ان ازل في ذلك أصبحت آخذ التفسير من علمائي
مع تحفظي على كلمة تفسير لأن التفسير لا يكون إلا للشيء الغامض
وكتاب الله ليس غامض بل هو بلسان عربي مبين
فإذا كان علمائي على ضلال فأكون تبعتهم على ضلالهم
وليس لي عذر امام الله
وإننا لنلاحظ ان كل علماء كل مذهب يؤولون الآيات وفق تصوراتهم
وكل اتباع فرقة تؤمن بتأويل علماءها
ومعلوم ان الحق واحد
وهذا يثبت ان ترك فهم القرآن إلا عبر تأويلات علماءنا ليس طريقا لمعرفة الحق
فلا مناص من ان نسعى بطريقين لمعرفة الحق
الأول ان نتوجه إلى الله بالدعاء ان يهدينا إلى الحق
والثاني ان نسعى جاهدين في البحث عن ذلك الحق مخلصين في ذلك
ومؤكد ان من أخلص نيته وتوجه إلى الله يسأله الهداية فإنه يجد الحق
ومن المستحيل على من يريد الحق الا يهتدي إليه
وإلا لكان الناس معذورين حين يضلون
وقد هدانا الله ان نقول "اهدنا الصراط المستقيم"
وهو دعاء نطلب فيه من الله ان يهدينا إلى الصراط المستقيم
ولنتخيل ان النصراني مثلا يعتقد انه على صواب بسبب ما عليه قومه ولثقته في علماءه
او ان بوذي يعتقد انه على صواب وقد عطل فكره معتمدا على ثقته علماءه
اليس في ذلك مجانبة للصواب
الم نرى ان الله عاب على من سبقنا انهم ألفوا اباءهم ضالين فهم على اثارهم يهرعون
قال سبحانه وتعالى (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70)
وقال سبحانه وتعالى (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25))
فهذه دلالات صريحة ان على المرء ان يتحقق مما عليه آباءه
فهل على من كان على مذهب باطل الا يبحث عن الحق بنفسه وإنما يكتفي بثقته في علماءه وهو وحظه
اليس كل من ينتسب إلى الإسلام من تلك الفرق يرى انه هو الصواب وغيره هو المخطئ
هل رأينا علماء مذهب نرى انه على ضلال انهم يقولون انهم ضالين وانهم متمسكين بضلالهم
كل فرقة تدّعي انها هي الحق
وكل افراد فرقة او مذهب يظنون انهم هم الذين على الحق
من واقع تمسكهم بما عليه آباءهم وإحسان ظنهم في علماءهم
والقناعة بتفسير علماءهم لآيات القرآن
من منّا من استمع إلى الآخرين لعل الحق يكون معهم
من منّا راجع تأؤيل علماءه ليتحقق من انه حق وليس تحريف وانه مبني على ثوابت وليس مبني على نقولات لا تصح
من منّا تحقق من صحة النقولات في كتبه او تحقق ان تأويلات علماءه لآيات تتوافق مع الحقائق او مع ما صح وثبت او على الأقل ان تأويلات علماءه تتوافق مع لغة العرب
إذا كان أصحاب كل مذهب يرون انهم الحق ويرفضون ان يأخذوا إلا من علماءهم فهم سيكونون مع علماءهم ،، إن كان علماءهم ضالين ضلوا معهم وإن كان علماءهم على الحق كانوا فيه معهم
وإنك لترين علماء كل مذهب لديهم ما يخالف غيرهم في استنباطهم من القرآن
اعود فأقول ان مقولة الا نحاول فهم القرآن بأنفسنا وإنما يعتمد أصحاب كل مذهب على علماءه فلن يهتدي اهل الضلال إلى الحق
وإنك لترين من سبقنا من الأمم منهم من يلوون السنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ،، وانك لترين ان الله اخبر انهم يقولون على الله الكذب وهم يعلمون
يقولون على الله الكذب فيصدقهم من قومهم الذين احسنوا الظن بهم وظنوا انهم لا يستطيعون معرفة الكتاب إلا عبر علماءهم الذين يقولون على الله الكذب وهم يعلمون ،، فوقعوا في المحذور
قال سبحانه وتعالى (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78))
اضرب مثالا واحدا لمخالفة تأويل الشيعة الإمامية للحق إذ ان تأويلهم يتعارض مع ما تقتضيه لغة العرب وهو تأويلهم في "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ..."
وإننا لنرى "يؤتون الزكاة" جاءت بصيغة المضارع
وهذا يقتضي ديمومتها وإلا لإنتفى عن صاحبها ان يكون الولي لله
فمثلا لو ان رجلا قال "احب الذي يؤتي الزكاة وهو راكع" ،، فمقتضى قوله انه يحب تلك الصفة فإن تحققت في رجل اليوم كان محبوبا وإن لم تتحقق فيه غدا لم يعد محبوبا
وإذا تحققت تلك الصفة في اكثر من رجل تحقق فيهم كلهم القول
ويمكن لمن لم يكن محبوبا اليوم ان ينال المحبة غدا بإيتاء الزكاة وهو راكع
في حين لو جاءت بصيغة الماضي لصح – لغة واشدد على لغة – ما يقوله الشيعة الإمامية فلو كانت العبارة كما يلي : "احب الذي آتى الزكاة وهو راكع" ،، فمقتضى ذلك ان المحبوب رجل وقد قام بإيتاء الزكاة قبل الكلام وهو راكع
كما ان أداة "إنما" هي أداة حصر وقصر فلو صح ما يقوله الشيعة الإمامية لما كان الإمام إلا علي فقط ولكان دليلا ينفي الإمامة عن الحسن والحسين ومن بعدهم
هذا من حيث اللغة
وهناك آيات نجد ان الصحابة انفسهم فهموها على غير مقصدها فبينها لهم النبي او بينها لهم الصحابة وقد نقلت إلينا بنقولات صحيحة تتوافق مع حقائق الإسلام ومع اللغة كمعنى قوله سبحانه وتعالى (الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) او (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) وكالمقصود من قوله سبحانه وتعالى (لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)
وختاما ،، فإذا كان أصحاب كل مذهب لن يفهموا آيات القرآن إلا وفق اقوال علماءهم وينحصرون فيها دون ان يجتهدوا في ذلك فإن كل اتباع مذهب سيتمسكون بمذهبهم ولو كان مخالفا لدين الله

والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق