الاثنين، 28 يوليو 2014

استقراءات لصحّة خلافة ابي بكر الصدّيق

استقراءات لصحّة خلافة ابي بكر الصدّيق
وجدنا ان أهل السنة يختلفون مع الشيعة الامامية حول من الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وحين نظرنا وجدنا ان كثيرا من الأدلة والبراهين والحقائق والقرائن كلها تشهد لما عليه أهل السنة كما وجدنا ان كل ما عليه الشيعة الإمامية مما يستدلون به لا يصح ولا يثبت
وأما الاستقراءات والأدلة التي تشهد لأهل السنة فمنها ما يلي :
الاستقراء الأول :
بداية وجدنا ان النبي صلى الله عليه وسلم في مكة لم يحصل له تمكين ولا سلطان حتى هاجر إلى المدينة
ثم وجدنا ان الله نصر الدين بالأنصار فنفع الله بهم هذا الدين ونصره حتى انتشر في ارجاء الأرض ،، فمن ذلك نجد ان الأنصار هم القوة الحقيقية الضاربة التي سخّرها الله لنشر الإسلام
وقد وجدنا ان الذين اسلموا في مكة وتعرّضوا للتعذيب إنما اسلموا لله وليس لأجل الدنيا ،، وقد تحمّلوا في سبيل إتباعهم لهذا الدين القتل او التعذيب او الحصار والتضييق وإنهم إنما تحمّلوا ما تحمّلوا إيمانا منهم بالدين
ثم إننا وجدنا ان الذين اسلموا في المدينة يتقاسمون اموالهم ومساكنهم وازواجهم مع المهاجرين ،، فالرجل من الأنصار يتخلّى عن بعض مسكنه وبعض ماله ويُطلّق احدى نساءه لأجل اخوانه المهاجرين بلا مطمع دنيوي في مدى نظرهم المنظور
فلا شك ان الذين اسلموا في مكة قبل الهجرة وفي المدينة قبل بدر انهم ما اسلموا إلا إيمانا منهم بهذا الدين
ولقد رأينا الأنصار وهم اهل زرع ونخل يتركون زروعهم ونخيلهم ليخوضون حروب وراء حروب حتى ان العرب اجمعوا على حربهم في غزوة الأحزاب فما ردّهم ذلك عمّا أمنوا به
هل فعل الأنصار ذلك طمعا في دنيا ،، وأين وعدهم النبي بذلك حين اسلموا اول ما اسلموا ،، وكيف يطمعون في دنيا والرسول في غزوة حنين قسّم الغنائم على المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار فوجدوا في انفسهم فخطب فيهم النبي فقال ألا ترضون ان يذهب الناس بالشاء والإبل وتذهبون برسول الله إلى رحالكم ،، فهل رأينا الأنصار احبوا الدنيا على الدين
فلم نرى الذين اسلموا قبل الهجرة او الذين اسلموا من الأنصار انهم اسلموا لأجل دنيا بل رأيناهم يؤثرون الآخرة على الدنيا ويقدمون من ارواحهم ودماءهم وأموالهم بغير عوض دنيوي
فكيف بعد ذلك يُستساغ ان يكون الأنصار باعوا ارواحهم ودماءهم ودفعوا من اموالهم ومساكنهم وأزواجهم لهذا الدين ونرى المهاجرين تحمّلوا صنوف التعذيب والقتل وترك الديار ثم نراهم هم والأنصار ينقلبون ويرتدون ،، هكذا ،، وما الذي دفع المهاجرين والأنصار في البداية ليقدموا ما قدّموا ويركبوا الصعاب ويخوضوا الحروب فتُهرق دماءهم وتُبتر ايديهم او ارجلهم او تصاب اجسادهم في البداية لينقلبوا بعد ذلك وينقضوا ذلك كله
إنه لا يستقيم عقلا ولا منطقا ان يتواطأ هؤلاء كلهم فينقلبوا على الدين فيُبايعوا ابا بكر والخلافة لغيره
فالسؤال الآن ،، كيف لهؤلاء الذين تحملوا صنوف التعذيب في مكة وليس امامهم في مستقبلهم المنظور مكاسب دنيوية ان يتّبعوا الدين ويتحمّلوا ما تحمّلوا في سبيل إتباعه لينقلبوا بعد ذلك ،، ولأي شيء تخلّوا عن الدين بعد إن اتبعوه
وكيف لهؤلاء الذين إتبعوا الدين في المدينة وتقاسموا اموالهم ومساكنهم وازواجهم مع المهاجرين وتركوا مصالحهم الدنيوية من مزارع ونخيل وركبوا الصعاب وبذلوا دماءهم وارواحهم في سبيل هذا الدين ان يتخلّوا عن الدين وينقلبوا بعد ذلك ،، ولأي شيء تخلّوا عن الدين بعد إن إتبعوه
تتبع الاستقراءات هنا إن شاء الله تعالى ...


الاستقراء الثاني :
رأينا الأنصار كانوا يريدون الخلافة لهم حين إجتمعوا في سقيفة بني ساعدة
ثم رأينا الأنصار رغم حرصهم على الخلافة إلا انهم كلهم - عدا سعد بن عبادة - وافقوا ابابكر وبايعوه ،، فلماذا يتنازلون له وهم يريدون الخلافة لولا انه تبيّن لهم انه الحق
ولماذا إذا كانت الخلافة هي لغير ابي بكر وانها ستذهب من ايديهم فما الدافع الذي يدفعهم إلى التخلي عنها وتركها لمن هي ليست له ،، فلا هم اخذوها ولا هم بالذين سلّموها لمن هي له ،، لماذا وقد بذلوا دماءهم وأرواحهم واموالهم وبذلوا من الجهاد ما بذلوا
فالأنصار وهم القوة الضاربة إذن انهم في مدينتهم وكانوا يريدون الخلافة فلا هم اخذوها ولا اعطوها لمن هي له لو كان زعم الشيعة الإمامية صحيح
ونحن نعلم ان ابابكر وعمر وابو عبيدة في سقيفة بني ساعدة لم يكن معهم لا قوة ولا سلاح ليرهبوا به الأنصار ،، إضافة إلى ان عشيرة ابي بكر وكذلك عشيرة عمر ليستا اقوى من عشيرة بني هاشم
فما الذي يدفع الأنصار للتخلي عن الخلافة وهم يريدونها وحريصين عليها ان يتنازلوا عنها لمن هي ليست له لو كانت الخلافة لعلي
إن العقل والمنطق يشهدان ان ما عليه الشيعة الإمامية لا يمت للعقل والمنطق بصلة
يتبع إن شاء الله تعالى ...

الاستقراء الثالث :
فإننا رأينا ان من تّدّعى لهم العصمة يُشار عليهم ،، فهذا صحابي يُشير على علي بن ابي طالب وذاك صحابي يقول علي انه يأخذ برأيه وذاك صحابي يُشير على الحسين وهكذا
جاء في كتاب الكامل في التأريخ في احداث سنة 35 ما يلي :
علي بن ابي طالب يقول لطلحة والزبير انه لا يرى إلا رأيا يريانه فأين العصمة :
وَرَجَعَ عَلِيٌّ إِلَى بَيْتِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فِي عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فَقَالُوا: يَا عَلِيُّ إِنَّا قَدِ اشْتَرَطْنَا إِقَامَةَ الْحُدُودِ، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ قَدِ اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِ هَذَا الرَّجُلِ وَأَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ. فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهُ إِنِّي لَسْتُ أَجْهَلُ مَا تَعْلَمُونَ، وَلَكِنْ كَيْفَ أَصْنَعُ بِقَوْمٍ يَمْلِكُونَنَا وَلَا نَمْلِكُهُمْ؟ هَا هُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ ثَارَتْ مَعَهُمْ عُبْدَانُكُمْ وَثَابَتْ إِلَيْهِمْ أَعْرَابُكُمْ وَهُمْ خُلَّاطُكُمْ يَسُومُونَكُمْ مَا شَاءُوا، فَهَلْ تَرَوْنَ مَوْضِعًا لِقُدْرَةٍ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَلَا وَاللَّهِ لَا أَرَى إِلَّا رَأْيًا تَرَوْنَهُ أَبَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ.
وهذان صحابيان يُشيران على علي بن ابي طالب فهل قال لهما انه معصوم لا يخطئ :
قِيلَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَيْتُ عَلِيًّا بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ عِنْدَ عَوْدِي مِنْ مَكَّةَ فَوَجَدْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ مُسْتَخْلِيًا بِهِ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا قَالَ لَكَ هَذَا؟ فَقَالَ: قَالَ لِي قَبْلَ مَرَّتِهِ هَذِهِ: إِنَّ لَكَ حَقَّ الطَّاعَةِ وَالنَّصِيحَةِ، وَأَنْتَ بَقِيَّةُ النَّاسِ، وَإِنَّ الرَّأْيَ الْيَوْمَ تُحْرِزُ بِهِ مَا فِي غَدٍ، وَإِنَّ الضَّيَاعَ الْيَوْمَ يَضِيعُ بِهِ مَا فِي غَدٍ، أَقْرِرْ مُعَاوِيَةَ وَابْنَ عَامِرٍ وَعُمَّالَ عُثْمَانَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ حَتَّى تَأْتِيَكَ بَيْعَتُهُمْ وَيَسْكُنَ النَّاسُ، ثُمَّ اعْزِلْ مَنْ شِئْتَ، فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقُلْتُ: لَا أُدَاهِنُ فِي دِينِي وَلَا أُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي أَمْرِي. قَالَ: فَإِنْ كُنْتَ أَبِيتُ عَلِيَّ فَانْزِعْ مَنْ شِئْتَ وَاتْرُكْ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّ فِي مُعَاوِيَةَ جُرْأَةً، وَهُوَ فِي أَهْلِ الشَّامِ يُسْتَمَعُ مِنْهُ، وَلَكَ حُجَّةٌ فِي إِثْبَاتِهِ، كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدْ وَلَّاهُ الشَّامَ. فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَسْتَعْمِلُ مُعَاوِيَةَ يَوْمَيْنِ! ثُمَّ انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِي وَأَنَا أَعْرِفُ فِيهِ أَنَّهُ يَوَدُّ أَنِّي مُخْطِئٌ، ثُمَّ عَادَ إِلَيَّ الْآنَ فَقَالَ: إِنِّي أَشَرْتُ عَلَيْكَ أَوَّلَ مَرَّةٍ بِالَّذِي أَشَرْتُ وَخَالَفَتْنِي فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تَصْنَعَ الَّذِي رَأَيْتَ فَتَعْزِلَهُمْ وَتَسْتَعِينَ بِمَنْ تَثِقُ بِهِ، فَقَدْ كَفَى اللَّهُ وَهُمْ أَهْوَنُ شَوْكَةً مِمَّا كَانَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُلْتُ لَعَلِيٍّ: أَمَّا الْمَرَّةُ الْأُولَى فَقَدْ نَصَحَكَ، وَأَمَّا الْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ فَقَدْ غَشَّكَ. قَالَ: وَلِمَ نَصَحَنِي؟ قُلْتُ: لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابَهُ أَهْلُ دُنْيَا فَمَتَى تُثَبِّتُهُمْ لَا يُبَالُوا مَنْ وَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ، وَمَتَى تَعْزِلُهُمْ يَقُولُوا: أَخَذَ هَذَا الْأَمْرَ بِغَيْرِ شُورَى وَهُوَ قَتَلَ صَاحِبَنَا، وَيُؤَلِّبُونَ عَلَيْكَ، فَتَنْتَقِضَ عَلَيْكَ الشَّامُ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، مَعَ أَنِّي لَا آمَنُ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ أَنْ يَكِرَّا عَلَيْكَ، وَأَنَا أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تُثَبِّتَ مُعَاوِيَةَ، فَإِنْ بَايَعَ لَكَ فَعَلَيَّ أَنْ أَقْلَعَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ، وَقَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ لَا أُعْطِيهِ إِلَّا السَّيْفَ! ثُمَّ تَمَثَّلَ:
وَمَا مِيتَةٌ إِنْ مِتُّهَا غَيْرَ عَاجِزٍ ... بِعَارٍ إِذَا مَا غَالَتِ النَّفْسَ غُولُهَا
فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ رَجُلٌ شُجَاعٌ لَسْتَ صَاحِبَ رَأْيٍ فِي الْحَرْبِ، أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «الْحَرْبُ خُدْعَةٌ؟» فَقَالَ: بَلَى: فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ أَطَعْتَنِي لَأُصْدِرَنَّهُمْ بَعْدَ وِرْدٍ، وَلَأَتْرُكَنَّهُمْ يَنْظُرُونَ فِي دُبُرِ الْأُمُورِ لَا يَعْرِفُونَ مَا كَانَ وَجْهَهَا فِي غَيْرِ نُقْصَانٍ عَلَيْكَ وَلَا إِثْمٍ لَكَ. فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ لَسْتُ مِنْ هَنَاتِكَ وَلَا مِنْ هَنَاتِ مُعَاوِيَةَ فِي شَيْءٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُلْتُ لَهُ: أَطِعْنِي وَالْحَقْ بِمَالِكَ بِيَنْبُعَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ عَلَيْكَ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تَجُولُ جَوْلَةً وَتَضْطَرِبُ وَلَا تَجِدُ غَيْرَكَ، فَإِنَّكَ وَاللَّهِ لَئِنْ نَهَضَتْ مَعَ هَؤُلَاءِ الْيَوْمَ لَيُحَمِّلَنَّكَ النَّاسُ دَمَ عُثْمَانَ غَدًا. فَأَبَى عَلِيٌّ فَقَالَ: تُشِيرُ عَلَيَّ وَأَرَى فَإِذَا عَصَيْتُكَ فَأَطِعْنِي. قَالَ: فَقُلْتُ: أَفْعَلُ، إِنَّ أَيْسَرَ مَا لَكَ عِنْدِي الطَّاعَةُ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: تَسِيرُ إِلَى الشَّامِ فَقَدْ وَلَّيْتُكَهَا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا هَذَا بِرَأْيٍ، مُعَاوِيَةُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عُثْمَانَ وَعَامِلُهُ وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقِي بِعُثْمَانَ، وَإِنَّ أَدْنَى مَا هُوَ صَانِعٌ أَنْ يَحْبِسَنِي فَيَتَحَكَّمَ عَلَيَّ لِقَرَابَتِي مِنْكَ، وَإِنَّ كُلَّ مَا حُمِلَ عَلَيْكَ حُمِلَ عَلَيَّ، وَلَكِنِ اكْتُبْ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَمَنِّهِ وَعِدْهُ. فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ، لَا كَانَ هَذَا أَبَدًا!
وَكَانَ الْمُغِيرَةُ يَقُولُ: نَصَحْتُهُ فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلُ غَشَشْتُهُ. وَخَرَجَ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ.
فلماذا نرى الصحابة يُشيرون على علي بن ابي طالب ونرى عليا لا يُنكر عليهم او يقول لهم انه إمام معصوم ،، ولماذا نرى علي بن ابي طالب حين طرح رأيه على ابن عباس فنرى أبن عباس يقول لعلي ما هذا برأي ،، وماذا كانت ردة فعل علي على قول بن عباس
وفي احداث سنة 60 من كتاب الكامل جاء ما يلي :
ابن عباس يُشير على الحسين بن علي فكيف يكون معصوم والناس يُشيرون عليه :
قِيلَ لَمَّا أَرَادَ الْحُسَيْنُ الْمَسِيرَ إِلَى الْكُوفَةِ بِكُتُبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَيْهِ أَتَاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَهُوَ بِمَكَّةَ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أَتَيْتُكَ لِحَاجَةٍ أُرِيدُ ذِكْرَهَا نَصِيحَةً لَكَ، فَإِنْ كُنْتَ تَرَى أَنَّكَ مُسْتَنْصِحِي قُلْتُهَا وَأَدَّيْتُ مَا عَلَيَّ مِنَ الْحَقِّ فِيهَا، وَإِنْ ظَنَنْتَ أَنَّكَ لَا مُسْتَنْصِحِي كَفَفْتُ عَمَّا أُرِيدُ.
فَقَالَ لَهُ: قُلْ، فَوَاللَّهِ مَا أَسَتَغِشُّكَ وَمَا أَظُنُّكَ بِشَيْءٍ مِنَ الْهَوَى. قَالَ لَهُ: قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُرِيدُ الْعِرَاقَ، وَإِنِّي مُشْفِقٌ عَلَيْكَ، إِنَّكَ تَأْتِي بَلَدًا فِيهِ عُمَّالُهُ وَأُمَرَاؤُهُ وَمَعَهُمْ بُيُوتُ الْأَمْوَالِ، وَإِنَّمَا النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا وَالدِّرْهَمِ، فَلَا آمَنُ عَلَيْكَ أَنْ يُقَاتِلَكَ مَنْ وَعَدَكَ نَصْرَهُ وَمَنْ أَنْتَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِمَّنْ يُقَاتِلُكَ مَعَهُ.
فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا يَا ابْنَ عَمِّ، فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ مَشَيْتَ بِنُصْحٍ وَتَكَلَّمْتَ بِعَقْلٍ، وَمَهْمَا يُقْضَ مِنْ أَمْرٍ يَكُنْ، أَخَذْتُ بِرَأْيِكَ أَوْ تَرَكْتُهُ، فَأَنْتَ عِنْدِي أَحْمَدُ مُشِيرٍ، وَأَنْصَحُ نَاصِحٍ.
قَالَ: وَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ: قَدْ أَرْجَفَ النَّاسُ أَنَّكَ سَائِرٌ إِلَى الْعِرَاقِ، فَبَيِّنْ لِي مَا أَنْتَ صَانِعٌ؟ فَقَالَ لَهُ: قَدْ أَجْمَعْتُ السَّيْرَ فِي أَحَدِ يَوْمَيَّ هَذَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنِّي أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، خَبِّرْنِي، رَحِمَكَ اللَّهُ، أَتَسِيرُ إِلَى قَوْمٍ قَتَلُوا أَمِيرَهُمْ وَضَبَطُوا بِلَادَهُمْ وَنَفَوْا عَدُوَّهُمْ؟ فَإِنْ كَانُوا فَعَلُوا ذَلِكَ فَسِرْ إِلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا إِنَّمَا دَعَوْكَ إِلَيْهِمْ وَأَمِيرُهُمْ عَلَيْهِمْ قَاهِرٌ لَهُمْ وَعُمَّالُهُ تَجْبِي بِلَادَهُمْ فَإِنَّمَا دَعَوْكَ إِلَى الْحَرْبِ، وَلَا آمَنُ عَلَيْكَ أَنْ يَغُرُّوكَ وَيُكَذِّبُوكَ وَيُخَالِفُوكَ وَيَخْذُلُوكَ وَيَسْتَنْفِرُوا إِلَيْكَ فَيَكُونُوا أَشَدَّ النَّاسِ عَلَيْكَ. فَقَالَ الْحُسَيْنُ: فَإِنِّي أَسْتَخِيرُ اللَّهَ وَأَنْظُرُ مَا يَكُونُ.
ارأيت كيف يُشير الصحابة على الحسين بن علي وكيف ان الحسين بن علي يقول (فَإِنِّي أَسْتَخِيرُ اللَّهَ وَأَنْظُرُ مَا يَكُونُ) ،، فأين العصمة وكيف يدّعي مدّعي ان الحسين معصوم
المعصومين يختلفون فيما بينهم
ثم إننا رأينا من تُدّعى لهم العصمة انهم يختلفون فيما بينهم ،، فهذا الحسين يختلف مع الحسن حين اراد ان يتنازل لمعاوية
جاء في كتاب الكامل في التأريخ سنة احدى واربعين ما يلي :
فَلَمَّا رَأَى الْحَسَنُ تَفَرُّقَ الْأَمْرِ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَذَكَرَ شُرُوطًا وَقَالَ لَهُ: إِنْ أَنْتَ أَعْطَيْتَنِي هَذَا فَأَنَا سَامِعٌ مُطِيعٌ وَعَلَيْكَ أَنْ تَفِيَ لِي بِهِ. وَقَالَ لِأَخِيهِ الْحُسَيْنِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ:
إِنَّنِي قَدْ رَاسَلْتُ مُعَاوِيَةَ فِي الصُّلْحِ:
فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ:
(أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تُصَدِّقَ أُحْدُوثَةَ مُعَاوِيَةَ وَتُكَذِّبَ أُحْدُوثَةَ أَبِيكَ! فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ) : اسْكُتْ، أَنَا أَعْلَمُ بِالْأَمْرِ مِنْكَ.
فما الذي يجعل المعصومين يختلفون ،، وهي يجهل الحسين ان الحسن معصوم مثلا أم ماذا ؟
وها قد رأينا من النقولات التأريخية ان من تدّعى لهم العصمة يُشار عليهم وينصحهم الناس ثم هم لا يُنكرون على الناس ولا احدا منهم قال لمن ينصحه انه إمام معصوم فكيف تنصحني كما رأينهم يقولون نتسخير الله ثم نرى ثم نراهم يختلفون فيما بينهم فكيف يستقيم في عقول البعض ما يتوهمونه من عصمة فيهم

يتبع إن شاء الله تعالى ...