الاثنين، 28 أبريل 2014

اين هو الدين الصحيح

كتب إلي احدهم يتساءل قائلا ...

واين الدين الصحيح الواحد؟ أهل السنة يقتلون غيرهم و الروافض ينتقمون اعزاءهم المقتولين في هاذهِ الجدال الغير مطلوب،،،،

سؤاله مهم ولكن قبل ان نبدأ نجد أن السؤال يحمل في طيّاته تحامل على أهل السنة ومحاباة وتبرئة للروافض ،، فهو سؤال موجّه ،، فقوله ان أهل السنة يقتلون غيرهم هو إيحاء ان أهل السنة يُخالفون الشرع ويعطي إنطباع بأن أهل السنة يرتكبون جرائم ،، هذا ما يوحي به السؤال ،، كذلك في قوله ان الروافض ينتقمون أعزائهم المقتولين هو تبرئة للروافض او تبرير للجرائم التي يرتكبونها في حق أهل السنة تحديدا

فالروافض لا ينتقمون أعزائهم وإن كان لم يوضح من هم أعزائهم ،، فهل يقصـد بأعزائهم أقرباءهم اليوم أم يقصد يقصد الرجال الذين غلو فيهم كالحسين مثلا ،، وإنه ليعلم انه حين تكون القوة للمسلمين فالرافضة يعيشون في أراضيهم ومتاجرهم لا يمسهم سوء فيسقط إيحاءه إن كان مقصده بأعزائهم أقرباءهم اليوم ،، وأما إن كان مقصده مقتل بعض من غلى الرافضة فيهم كالحسين فالذين قتلوا علي والحسين هم الشيعة انفسهم ،، فالخوارج هم من قتلوا علي وكانوا من الشيعة قبل أن يخرجوا عليه (شيعة هنا بمعنى أنصار وليس شيعة معتقد) ،، كذلك فإن من قتل الحسين هم من الشيعة الذين بايعوه على ان يحضر للكوفة ثم إنقلبوا عليه وقتلوه

وعموما فالرافضة حين يكون لهم العلو في الأرض فإنهم يقتلون على الهوية ويقتلون البسطاء من الناس والذين لا ذنب لهم ،، اما حين تعتدل الأمور فإنهم سالمون أمنون على ارواحهم وممتلكاتهم فلا يمسّهم اهل السنة بسوء ،، كما ان دين الرافضة – عبر كتبه – يدعوا إلى قتل السني او إيذاءه

اما بكاء الرافضة على الحسين فهو ليس لأجل الحسين وإنما لسبب آخر ،، فالرافضة لا يهمهم الحسين وإن كان الكثير منهم يجهلون ذلك ،، فبكاءهم على الحسين ومبالغتهم في الغلو فيه لأجل ان يزرعوا في اتباعهم الحقد على أهل السنة وليزرعوا في نفوس اتباعهم عقيدة الإنتقام من أهل السنة ،، ويدل على ذلك انهم لا يبكون على مقتل علي بن ابي طالب ولا يدعون للثأر من قتلته ولا نراهم ينادون "يا لثارات علي" والسبب واضح فالذي قتل علي هو من الخوارج ،، ولا نرى انه للروافض مشكلة مع الخوراج وإنما مشكلتهم وعداوتهم ليست موجهة إلا لأهل السنة فقط ،، فلماذا ؟ ،، نسأل والسبب معروف

واما سؤاله بقوله اين هو الدين الصحيح فهو سؤال مهم والإجابة عنه متوفرة ،، متوفرة بشروط هي او منها :
  • التوجه إلى الله أن يهديه إلى الحق
  • إخلاص المرء في بحثه عن الحق
  • التجرّد من الهوى والتجرّد ممّا الفى عليه آباءه
دين الله لا يمكن لمن يريده ان يضيع عنه ،، وإلا لكان الإنسان معذور إن هو ضل ولم يهتدي إلى سبيل الله

اما بداية الطريق لمعرفة دين الله الصحيح فقد وضّحها الله في القرآن إذ اننا نجد ان الله امرنا ان نتّبع اثنين واثبت صواب ثالث واثنى عليهم وعلى من إتبعهم وضمن لهم الجنة

فاما من امرنا الله ان نتّبعهم فهما القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم والأدلة هي :

الدليل على إتباع القرآن قوله سبحانه وتعالى (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)

الدليل على إتباع النبي صلى الله عليه وسلم فلقوله سبحانه وتعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)

فإتباع القرآن امر الله به والقرآن موجود وقد حفظه الله من ان تناله يد التحريف

وإتباع النبي يكون بإتابع سنّته من اقوال وافعال وتقريرات ،، وهذا لا يُعرف إلا بالنقول الثابتة الموثّقة المسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،، وإننا نجد ان بعض الفرق تدّعي انها هي التي تتّبع النبي صلى الله عليه وسلم وبناء على ذلك فلا يكون الحق إلا عند الفرقة التي لديها امرين اثنين هما :
  • نقولات مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم
  • وسيلة للتحقق من صحة تلك النقولات إلى النبي
ونعلم يقينا انه قد كُذب على النبي اكاذيب لا تُحصى وعلى ذلك فلا نُسلم لكل من قال هذا ثبت او ورد عن النبي

واما الثالثة التي اثنى الله عليها واثبت صواب ما هم عليه واثنى على من إتّبعها وضمن لهم الجنّة فهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ،، كما ورد في قوله سبحانه وتعالى (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

فالسابقون هم جمع وهم مهاجرين وانصار ،، وقد بيّن الله امرهم في آية اخرى كما في قوله تعالى (وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير)

فمن انفق وقاتل قبل الفتح فهو من السابقين

فما عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار هو الحق الذي لا شك فيه ،، بنص القرآن ،، ويدخل في ذلك معتقداتهم عامة ومعتقداتهم في الأسماء والصفات وفي العبادات وفي الصحابة وفي اساليب إنتقال الخلافة بينهم وفي ما فعلوه كصلاة التراويح وغير ذلك من امور إذ أن الله اثبت سلامة ما هم عليه من معتقدات وافعال وضمن الله لهم الجنّة ولمن إتبعهم بإحسان

وهنا يخرج الرافضة من ان يكون دينهم الحق لجملة من الحقائق منها :
  • مخالفة دين الرافضة لصريح القرآن في العديد من الآيات كنهي القرآن ان ندعوا مع الله احدا وكنهي القرآن ان نتّخذ من دون الله اولياء ومخالفتهم لتزكية الله لأزواج النبي حين جعلهن امهات للمؤمنين
  • مخالفة دين الرافضة الصريح لما عليه السابقين الأولين من المهاجرين والانصار وهذه لا تحتاج إلى مزيد بيان لوضوحها كوضوح الشمس في رابعة النهار
  • عدم وجود قرآن لدي الرافضة إذ ان القرآن الذي بأيدي المسلمين جمعه ابو بكر برأي من عمر ووحّد المسلمين عليه عثمان ،، فإن كان هذا هو القرآن الحق فالرافضة يطعنون في عدالة من جمعه ومن إقترحه ومن نشره بين المسلمين واحرق بقيّة المصاحف ،، فكيف نأخذ قرآن جمعه من عدالته مطعون فيها
  • عدم وجود أحاديث لدى الرافضة مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم
  • يدّعي الرافضة ان الله جعل ائمة لحفظ الدين في حين اننا نجد ان الله جعل حفظ الدين عن طريق أهل السنة فالقرآن جمعه من يؤمن بإيمانهم أهل السنة والأحاديث جمعها وحفظها رجال أهل السنة ومن فتح البلدان هم أهل السنة ومن نشر الدين في ارجاء الأرض هم أهل السنة ،، فما دور الإمامة إذن
  • يزعم الرافضة ان الله جعل ائمة لحفظ الدين إلا اننا نراهم يأخذون ما يستدلون به لعقائدهم من كتب أهل السنة ،، فإن كان جعل الله ائمة لحفظ الدين فلماذا نجد الرافضة محتاجين لكتب أهل السنة ،، وليُخرج لنا الرافضة ما يستدلون به على دينهم وعقائدهم من كتبهم هم إن كانوا صادقين
يُضاف إلى ذلك ان الروايات الموجودة لدى الرافضة والتي يعتمدون عليها نجد ان عليها ملاحظات قوية منها :
  • لا يوجد لدى الرافضة تحقيق لصحة الروايات ولم يثبت للرافضة علم حديث الا بعد ان عيّرهم ابن تيمية بذلك فنسخوا علم الحديث من أهل السنة وجعلوه "ديكور" لديهم فقط إذ لا يعملون به
  • معظم مرويات الرافضة ينسبونها إلى جعفر بن محمد وعليهم في هذه الحالة امرين ،، ان يُثبتوا اننا مأمورين ان نأخذ من جعفر بن محمد وان يُثبتوا صحة نسبة تلك الروايات له ،، وهذين الأمرين لا طاقة للرافضة بهما
  • ترك الرافضة مروياتهم عائمة فلا هم يحكمون على بعضها بالصحة ولا يحكمون على البعض الآخر بالضعف وذلك حتى يتسنى لهم ان يكونوا زئبقيين يتهرّبون من اي رواية يرون انها توقعهم في إحراجات
  • نرى الرافضة يضعّفون روايات ويصحّحون روايات بلا ميزان علمي لديهم
  • ما ينسبونه لجعفر الصادق مطعون فيه فالكافي مختلق ومؤلّف في قرون متأخرة ثم نسبوه إلى جعفر بن محمد ويدل على ذلك دلالات منها :
  1. لم اعثر على كتاب قديم بعد عصر الكليني يستشهد برواية من الكافي (فأبن تيمية في كتابه منهاج السنة الذي يرد فيه على الرافضة لم يرد ذكر للكافي او الكليني اطلاقا فيه ولا في كلام ابن المطهر الذي رد عليه ابن تيمية)
  2. قمت ببحث في كتب قديمة كثيرة منذ عصر ابن تيمية وبعده وقبله فلم اعثر في متون الكتب على ذكر للكافي او استشهاد منه ،، كما لم اجد له ذكر في الفهرست لأبن النديم لا للكافي ولا للكليني
  3. اسانيد الكافي تنبئك بأنها موضوعة من قبل من لا يُحسن الوضع فكلها "عن" “عن"
  4. كثير من اسانيد الكافي يرد ذكر "عن عدد من رجالنا" ،، وهذا يطعن فيها
فيتبيّن من ذلك ان دين الرافضة ليس هو دين الله وان الطعون فيه كثيرة وكلها قوية

وكذلك الحال مع بقية المذاهب او الملل كالمعتزلة والصوفية او الأشاعرة فإن المرء يجدها لا تتوافق مع القواعد اعلاه التي تأمرنا ان نتّبع كتاب الله والنبي صلى الله عليه وسلم والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار

ولقد فنّد ابن حزم دين الرافضة تفنيدا منطلق من العقل والمنطق والحقائق التأريخية من ذلك اقتطف بعض مما اورده رحمه الله ورضي عنه :
  • وعمدة هذه الطوائف (طوائف الشيعة) كلها في الاحتجاج أحاديث موضوعة مكذوبة لا يعجز عن توليد مثلها من لا دين له ولا حياء ،، ،، ولا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا فهم لا يصدقونا ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم فنحن لا نصدقها ،، إلا أن بعض ما يشغبون به أحاديث صحاح نوافقهم على صحتها منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ،، قال أبو محمد : وهذا لا يوجب له فضلاً على من سواه ولا استحقاق الإمامة بعده عليه السلام لأن هارون لم يل أمر بني إسرائيل بعد موسى عليهما السلام وإنما ولي الأمر بعد موسى عليه السلام يوشع بن نون فتى موسى وصاحبه الذي سافر معه في طلب الخضر عليهما السلام كما ولي الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبه في الغار الذي سافر معه إلى المدينة (أضيف إلى ماذكره ابن حزم : فهارون لم يكن إماما ونفى النبي عن علي بن ابي طالب النبوة فثبت ان علي رضي الله عنه ليس إمام ولا نبي)
  • فإن قال (أي الرافضي) وإذ مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا بد من إمام يبلغ الدين قلنا هذا باطل ودعوى بلا دليل او برهان وإنما الذي يحتاج إليه أهل الأرض من رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانه وتبليغه فقط سواء في ذلك من كان بحضرته ومن غاب عنه ومن جاء بعده فالمراد منه عليه السلام كلام باق أبداً مبلغ إلى كل من في الأرض وأيضاً فلو كان ما قالوا من الحاجة إلى إمام موجود أبداً لإنتقض ذلك عليهم بمن كان غائباً عن حضرة الإمام في أقطار الأرض إذ لا سبيل إلى أن يشاهد الإمام جميع أهل الأرض الذين في المشرق والمغرب من فقير وضعيف وامرأة ومريض ومشغول بمعاشه الذي يضيع إن أغفله فلا بد من التبليغ عن الإمام فالتبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع من التبليغ عمن هو دونه وهذا ما لا انفكاك لهم منه .
  • قال أبو محمد : لا سيما وجميع أئمتهم الذين يدعون بعد علي والحسن والحسين رضي الله عنهم ما أمروا قط في غير منازل سكناهم وما حكموا على قرية فما فوقها بحكم فما الحاجة إليهم لا سيما منذ مائة عام وثمانين عاماً فإنهم يدعون إماماً ضالاً لم يخلق كعنقاء مغرب وهم أولو فحش وقحة وبهتان ودعوى كاذبة لم يعجز عن مثلها أحد وأيضاً فإن الإمام المعصوم لا يعرف أنه معصوم إلا بمعجزة ظاهرة عليه أو بنص تنقله العلماء عن النبي صلى الله عليه وسلم على كل إمام بعينه واسمه ونسبه وإلا فهي دعوى لا يعجز عن مثلها أحد لنفسه أو لمن شاء
  • ويقول ابو محمد : وبرهان آخر ضروري وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وجمهور الصحابة رضي الله عنهم يعلم الناس الدين فما منهم أحد أشار إلى علي بكلمة يذكر فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص عليه ولا ادعى ذلك قط لا في ذلك الوقت ولا بعده ولا ادعاه له أحد في ذلك الوقت ولا بعده ومن المحال الممتنع الذي لا يمكن البتة ولا يجوز اتفاق أكثر من عشرين ألف إنسان متنابذي الهمم والنيات والأنساب أكثرهم موتور في صاحبه في الدماء من الجاهلية على طي عهد عاهده رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم
  • وقال ابو محمد (ابن حزم) : ووجدنا علياً رضي الله عنه تأخر عن البيعة ستة أشهر فما أكرهه أبو بكر على البيعة حتى بايع طائعاً مراجعاً غير مكره فكيف حل لعلي رضي الله عنه عند هؤلاء النوكى أن يبائع طايعاً رجلاً إما كافراً وإما فاسقاً جاحداً لنص رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعينه على أمره ويجالسه في مجالسه ويواليه إلى أن مات ثم يبايع بعده عمر بن الخطاب مبادراً غير متردد ساعة فما فوقها غير مكره بل طائعاً وصحبه وأعانه على أمره وانكحه من ابنة فاطمة رضي الله عنها ثم أقبل ادخاله في الشورى أحد ستة رجال فكيف حل لعلي عند هؤلاء الجهال أن يشارك بنفسه في شورى ضالة وكفر ويغر الأمة هذا الغرور وهذا الأمر أدى بالكامل إلى تكفير علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأنه في زعمه أعان الكفار على كفرهم وأيدهم على كتمان الديانة وعلى ما لا يتم الدين إلا به
  • قال أبو محمد : ولا يجوز أن يظن بعلي رضي الله عنه انه أمسك عن ذكر النص عليه خوف الموت وهو الأسد الشجاع قد عرض نفسه للموت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومرات يوم الجمل وصفين فما الذي جبنه بين هاتين الحالتين وما الذي ألف بين أبصار الناس على كتمان حق علي ومنعه ما هو أحق به مذ مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قتل عثمان رضي الله عنه ثم ما الذي جلى بصائرهم في عونه إذ دعا إلى نفسه فقامت معه طوائف من المسلمين عظيمة وبذلوا دماءهم دونه ورأوه حينئذ صاحب الأمر والأولى بالحق ممن نازعه فما الذي منعه ومنعهم من الكلام وإظهار النص الذي يدعيه الكذابون إذ مات عمر رضي الله عنه وبقي الناس بلا رأس ثلاثة أيام أو يوم السقيفة وأظرف من هذا كله بقاؤه ممسكاً عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه ستة أشهر فما سئلها ولا أجبر عليها ولا كلفها وهو متصرف بينهم في أموره فلولا أنه رأى الحق فيها واستدرك أمره فبايع طالباً حظ نفسه في دينه راجعاً إلى الحق لما بايع فإن قالت الروافض أنه بعد ستة أشهر رأى الرجوع إلى الباطل فهذا هو الباطل حقاً لا ما فعل علي رضي الله عنه ثم ولى علي رضي الله عنه فما غير حكماً من أحكام أبي بكر وعمر وعثمان ولا أبطل عهداً من عهودهم ولو كان ذلك عنده باطلاً لما كان في سعة من أن يمضي الباطل وينفذه وقد ارتفعت التقية عنه
  • وأيضاً فقد نازع الأنصار رضي الله عنهم أبا بكر رضي الله عنه ودعوا إلى بيعة سعد بن عبادة رضي الله عنه ودعا المهاجرون إلى بيعة أبي بكر رضي الله عن جميعهم وقعد علي رضي الله عنه في بيته لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ليس معه أحد غير الزبير بن العوام ثم استبان الحق للزبير رضي الله عنه فبايع سريعاً وبقي علي وحده لا يرقب عليه ولا يمنع من لقاء الناس ولا يمنع أحد من لقائه فلا يخلو رجوع الأنصار كلهم إلى بيعة أبي بكر من أن يكون عن غلبة أو عن ظهور حقه إليهم فأوجب ذلك الانقياد لبيعته أو فعلوا ذلك مطارفة لغير معنى ولا سبيل إلى قسم رابع بوجه من الوجوه فإن قالوا بايعوه بغلبة كذبوا لأنه لم يكن هنالك قتال ولا تضارب ولا سباب ولا تهديد ولا وقت طويل ينفسح للوعيد ولا سلاح مأخوذ ومحال أن يترك أزيد من ألفي فارس أنجاد أبطال كلهم عشيرة واحدة قد ظهر من شجاعتهم ما لا مرمى وراءه وهو أنهم بقوا ثمانية أعوام متصلة محاربين لجميع العرب في أقطار بلادهم موطنين على الموت متعرضين مع ذلك للحرب مع قيصر الروم بمؤتة وغيرها ولكسرى والفرس ببصرى من يخاطبهم يدعوه إلى اتباعه وأن يكون كأحد من بين يديه هذه صفة الأنصار التي لا ينكرها إلا رقيع مجاهر بالكذب فمن المحال الممتنع أن يرهبوا أبا بكر ورجلين أتيا معه فقط لا يرجع إلى عشيرة كثيرة ولا إلى موال ولا إلى عصبة ولا مال فرجعوا إليه وهو عندهم مبطل وبايعوه بلا تردد ولا تطويل
  • ثم لو أمكنت لجاز لكل أحد أن يدعي فيما شاء من المحال أنه قد كان وإن الناس كلهم نسوه وفي هذا إبطال الحقائق كلها وأيضاً فإن كان جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اتفقوا على جحد ذلك النص وكتمانه واتفقت طبائعهم كلهم على نسيانه فمن أين وقع إلى الروافض أمره ومن بلغه إليهم وكل هذا هو هوس ومحال فبطل أمر النص على علي رضي الله عنه بيقين لا إشكال فيه والحمد لله رب العالمين
المزيد من كلام ابن حزم رضي الله عنه هنا :
http://truth6.blogspot.com/2013/07/blog-post.html