الثلاثاء، 2 مايو 2017

هل القول بخلق القرآن كفر

هل القول بخلق القرآن كفر
سألني احدهم عن سبب الحكم بكفر من قال بخلق القرآن ،، وحيث انني لم اطلع بتفصيل على هذا الأمر فلا احب الرد حتى ابحث واراجع
قرأت بعض التفاصيل التي ذكرها العلماء والحقيقة ان هناك امور لست انا في مستواها حتى اصل إلى فهم فعلي للأمر
واذا نظرنا إلى الفرق الحالية فلا اعرف فرقة هي على الإسلام الا اهل السنة والجماعة ،، ولم اجد علماء ترتاح إليهم النفس إلا امثال علماء اهل السنة كأحمد بن حنبل وابن تيمية وغيرهم
فالعالم احمد بن حنبل رأينا انه تعرض للسجن والجلد والتعذيب ليقول بخلق القرآن فرفض ،، ترى ما الذي يمنعه ويجعله يواجه خليفة المسلمين آنذاك لولا انه يرى ان الحق في ان القرآن كلام الله وليس مخلوق
عالم صبر على السجن والجلد والتعذيب وغضب الحاكم عليه في مسألة خلق القرآن ،، فما الذي دفعه إلى ذلك
وكذلك عندما ارى ابن تيمية اراه يتعرض للسجن ويموت في السجن ويطرد من بلاده لا لشيء إلا لما يراه حق ،، ترى ما الذي يجعل ابن تيمية وغيره من العلماء يتحمل ما يتحمل لأجل ما يعتقده
قرأت لابن تيمية واجده ناصحا مخلصا عالما فذا آتاه الله من العلم والرشد ما لم ارى مثله في الناس
فلا شك ان امثال ابن حنبل وابن تيمية مقدم كلامهما على غيرهما هذا إذا لم يتضح لي في المسألة رأي آخر
ولكن في المقابل ،، السنا نرى من قتل دون أفكار يقول بها مغضبا الحاكم كالجعد بن درهم ،، ما الذي يحمل الجعد بن درهم على مخالفة الحاكم ورأيه كان خاطئا – في نظري على الأقل – فالمسألة تحتاج إلى تروي ومطالعة
ولست في مقام طالب علم حتى اكون في مقام عالم ،، ولكن حبا في الاطلاع بنفسي رأيت ان اقرأ وابحث - حسب امكانياتي ومعرفتي - في هذا الأمر
وقبل ان ابدأ يجب ان نخطو الخطوة الأولى وهي هل كان القول بخلق القرآن قال به الله او رسوله او السابقين الأولين ،، فإذا لم يقل الله به ولا قال به النبي ولا قاله السابقون فلي ان اسأل فمن اين لمن قال بخلق القرآن هذا القول ،، هذه نقطة اساسية
فاذا كان القول بخلق القرآن لم يكن على عهد الصحابة فقطعا القول به باطل لأن هذا امر ليس لنا سبيل إلى معرفته إلا بخبر من السماء لأنه من امور الغيب ،، واذا كان الصحابة لم يقل منهم احدا بهذا القول فيكفي ان نكون مثلهم ولا نقول به ونرد على من يقول به لأن من جاء بأمر ليس عليه امر النبي والصحابة فهو رد
بقي مسألة مهمة ،، هل يكفر من يقول بخلق القرآن ،، هذا ما اود بحثه وللحديث بقية بعد ان ابحث في الأمر بإذن الله ،، يتبع
القول بخلق القرآن
هناك ادلة وهناك قرائن للتحقق من هذا الأمر
وكدليل مباشر لم اجد او لم يتضح لي ولكن كدليل غير مباشر فهناك دلائل منها :
ان مسألة القول بخلق القرآن منطلقة من أمور ويتبعها تبعات تدور كلها حول إنكار الصفات لله سبحانه وتعالى ،، فالذين قالوا بخلق القرآن قالوا به لأنهم انكروا صفات الله ومنها صفة الكلام فلكي ينكروا صفة الكلام وبما ان القرآن كلام الله فلابد لهم من إيجاد مخرج فقالوا ان القرآن مخلوق لتأييد ما ذهبوا إليه في انكار الصفات ومنها صفة الكلام لله
والسؤال : ما حكم من انكر صفة من صفات الله سبحانه وتعالى
وأيضا فإن القرآن نزل بلغة العرب ووفق قواعدهم واستعمالاتهم للغة فيجري عليه ما يجري على اللغة لكي نفهمه
ومعلوم ان لغة العرب لا تصرف شيء عن مراده الحقيقي او مراده الأدنى إلا بصارف ،، فمثلا اذا قال احدهم "رأيت اسدا" فهنا يتم حمله على الأسد الحقيقي إذ لا وجود لصارف لا في الجملة ولا في الطبيعة المحيطة لكي نصرف الأسد إلى رجل شجاع
ولكن لو قال احدهم رأيت اسدا يخطب في الناس لذهب المفهوم إلى الرجل الشجاع ففي الجملة ما يصرف الأسد عن حقيقته إلى الأسد المجازي وهو الرجل الشجاع
وكذلك ففي لغة العرب نجد ان كلمة "عين" لها عدة معاني في اللغة وربما كان بعضها اقرب إلى الذهن من بعض إلا اذا كان هناك قرينة تصرف اللفظ إلى المعنى الأبعد منه
وكمثال آخر فلفظ "كلّم" بتشديد اللام له معنيين في اللغة ،، فإذا كان اصله من الكلام فهو الحديث الذي يتكلم به المرء واما اذا كان اصله الكلم بسكون اللازم فهو الجرح ومنه يقال للمكلوم مكلوم
فحين يأتي في قوله سبحانه وتعالى وكلّم الله موسى تكليما فإن الوجب ان يذهب الذهن إلى المراد الأقرب والأكثر استخدام والأليق بالمكان وهو ان الله كلم موسى أي خاطبه
ولا يمكن ان يذهب احد إلى المعنى الآخر لبعده أولا فهو ابعد من المعنى الأول ولعدم وجود قرينة تصرف الأمر إليه ، بل ان هناك قرائن كلها تدل على ان الله خاطب موسى وليس جرّحه
فكيف يمكن لأحد ان يترك المعنى الأقرب إلى المعنى الأبعد بلا قرينة لديه ،، هذا من الضلال
هذا ضلال لأن الوحي انقطع من السماء فلا يمكن معرفة مراد الله إلا عبر لغة العرب التي انزل الله بها القرآن على نبيه
وعلى ذلك فإنه من الواضح ان الكلام كلام الله وليس مخلوق إذ لا توجد قرينة تصرفه ولا قول يؤيد صرفه ،، والسؤال القائم من اين لمن قال ان كلام الله مخلوق هذا القول ،، إن كان جاء به من قال الله قال رسوله فليخرجه إن استطاع وإلا فهو كلام الله غير مخلوق
بقينا في الأهم وهو هل يكفر القائل ان كلام الله مخلوق
وفق ما لدي من معرفة في حدود مستواي فلا استطيع ان احكم او استنبط إذ ان قصور علمي لا يؤهلني إلى الدخول في ادلة هذا الأمر وتحديد مناط الكفر ، فالادلة والدلالات اعمق من ان استطيع ان الوصول إليها ،، طبعا هذا اذا كان القول بخلق القرآن لا يتجاوز إلى انكار الصفات
ولكن حين انظر إلى القائلين بأن القرآن ليس مخلوق كاحمد بن حنبل وابن تيمية اجد انهم موفقين للصواب في المسائل التي قدرت الوصول إليها بعلمي المحدود فبالتالي فاتخذ قولهم على انه هو الصواب خاصة وان اصرارهم على هذا الأمر قوي جدا وليس فيه تردد
واهم من ذلك كله ان القول بخلق القرآن يترتب عليه أمور أخرى كمخالفة أمور وردت في القرآن وامور ستتعارض مع القول بخلقه او ينتج عن ذلك القول بخلق القرآن ان يكون علم الله مخلوق وهنا يكون مناط التكفير
ولكن من الملاحظ ان القول بخلق القرآن يتجاوز إلى امور اخرى تترتب عليها نفي صفات الله ونفي العلم عن الله وامور اخرى يعلمها اهل العلم وهم اعلم حين يحكمون على قائلها
والله اعلم واسأل الله أي يهديني والقارئين إلى سواء السبيل