الأحد، 16 أكتوبر 2016

هل امهات المؤمنين هن امهات للمؤمنات واغتسال عائشة وراء حجاب

هل امهات المؤمنين هن امهات للمؤمنات

ذلك امر وجدت فيه للعلماء اقوال مختلفة ولكن بعد النظر فيها رأيت ان امهات المؤمنين هن ايضا امهات للمؤمنات بقرائن لا يوجد ما يخالفها، والقرائن هي:

اولا : ان الفيصل في ذلك هي لغة العرب وما جرت عليه العرب إذ انها مسألة لغوية تحديدا، وان ما جرت عليه العرب انها تخاطب المذكر بلفظ المذكر إلا ما اختصت به النساء وتخاطب المؤنث بخطاب المؤنث إلا ما جرت عليه لغة العرب من تذكير في مخاطبتهن بلفظ هو خاص بهن ولكنه يشملهن ويشمل غيرهن كلفظ "اهل" فهو من وجهة نظري يعني إمرأة الرجل ولكن العرب تستخدمه في امور اخرى كأهل الكتاب اي الذين يدينون به واهل القرية اي سكانها واهل البيت اي سكانه، وهذا مثل لفظ ام فهو وإن كان مختصا بوالدة الرجل إلا انه يستعمل استعمالات اخرى كأم الكتاب وام القرى وام الخبائث

ووجدت القرآن ولغة العرب تعامل لفظ "اهل" وما يتركب معه كـ "اهل البيت" بصيغة الجمع والتذكير فلا يؤنث ولو كانت المخاطبة بها إمرأة واحدة ولا يعامل بصيغة المفرد بل بصيغة الجمع وما يدل على ذلك انني لم اجد -على قلة علمي- ان احدا استعمل صيغة المؤنث او المفرد مع لفظ "اهل" او مع "اهل البيت"، وقد ورد في القرآن ان لفظ "اهل" يعامل بصيغة المذكر والجمع كما في قوله تعالى "قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا" فلم يقل لها امكثي ولا قال لها امكث حين خاطبها بلفظ "اهل"، وكذلك في خطاب الملائكة لسارة زوج إبراهيم حين قالوا لها "قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ" فإننا نرى القرآن خاطب سارة حين خاطبها بلفظ "اهل البيت" بصيغة المذكر والجمع في حين انه في بداية الأية نجد ان الملائكة خاطبوها بقولهم "أتعجبين" مما يدل على ان لفظ اهل يذكر ولا يؤنث ويعامل بصيغة الجمع وليس المفرد

نعود لأصل الموضوع حيث ان الحكم في عبارة "امهات المؤمنين" هل يشمل المؤمنات ام لا، وان ذلك مداره على لغة العرب، ومن اجمل ما قرأت في هذا قول بعض العلماء بما معناه انه ليس معروفا عند العرب انهم اذا خاطبوا رجال ونساء ان يخاطبوا الرجال ثم النساء فيقولون مثلا قوموا وقمن بل يقول للجميع قوموا، كذلك لم نجد في القرآن ولا في السنة ولا في لغة العرب انه يخاطب الرجال ثم يعطف ويخاطب النساء، فلا نجد ولا اية تقول "يا ايها الذين آمنوا ويا ايتها اللائي أمن"

بقي في ذلك شبهتين قد تشتبه على البعض وهي إفراد الله المؤمنات بذكر خاص بهن مع ذكر يسبقهن للرجال كما في قوله تعالى "وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ"

وكذلك في قوله تعالى "إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً"

اما الشبهة الثانية فهي وجود خطاب للمؤمنين وهو لا يشمل النساء كما في قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ"

اما الشبهة الأولى فمن الواضح انه ليس في ذلك خطاب للنساء ولا امر لهن وإنما إخبار بما ينتظر المؤمنين والمؤمنات، ولا شك ان ذكر المؤمنين وذكر المؤمنات وتكرار ذلك له هدف قد يكون للتوكيد حتى لا يأتي بعض الحمقى الذين كثروا في هذا الزمن فيزعم ان تلك الصفات خاصة بالرجال وان المرأة ليس عليها فعل ذلك، او ان ذلك لتستشعر المراة من قراءة تلك الآيات مكانتها من جائزة الثبات على الدين والمجاهدة على الإلتزام بأوامره ونواهيه

اما الشبهة الثانية فساقطة من جهتين:

الجهة الأولى : ان الخطاب العام كما في القرآن يوجه للذكور ولكنه يشمل الإناث إلا ما ثبت بدليل انه خاص بالذكور، وعلينا ان نفرق بين خطاب يوجه لجملة من الناس فيهم رجال ونساء وبين خطاب عام يوجه للأمة، وقد ثبت من لغة العرب ان الخطاب إذا كان موجها لرجال ونساء ان صيغة الخطاب تكون بصيغة المذكر ولم يثبت بأي طريق انه يخاطب الرجال ثم تخطاب النساء ابدا

الجهة الثانية : ان حمل الجهاد على القتال فقط في نظري لا يصح ،، فالجهاد اعم من القتال وبرهان ذلك كما قد ذكره الشيخ ابن تيمية في منهاج السنة حين قال : وإذا كان كذلك فمعلوم أن الجهاد منه ما يكون بالقتال باليد ومنه ما يكون بالحجة والبيان والدعوة قال الله تعالى ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا سورة الفرقان فأمره الله سبحانه وتعالى أن يجاهد الكفار بالقرآن جهادا كبيرا وهذه السورة مكية نزلت بمكة قبل أن يهاجر النبي وقبل أن يؤمر بالقتال ولم يؤذن له وإنما كان هذا الجهاد بالعلم والقلب والبيان والدعوة لا بالقتال .. انتهى كلام ابن تيمية

فالجهاد يشمل القتال في سبيل الله ويشمل الدعوة إلى الله ويشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويشمل ايضا الثبات على طاعة الله وإتباع اوامره واجتناب نواهيه، ومعلوم ان المرأة مأمورة بذلك ما عدا القتال فيثبت انها داخلة في قوله تعالى "وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ"

وعلى ذلك فإنه يتضح من قوله تعالى "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ" انه وبلا شك يشمل المؤمنات فالنبي اولى بالمؤمنين وبالمؤمنات من انفسهم، فما الذي يخرج المؤمنات ان يكون النبي اولى بهن من انفسهم، وكذلك اولي الأرحام بعضهم اولى ببعض ولا شك ان النساء يشملهن ذلك فهن اولات الأرحام

اما مسألة ما ذكر من قول عائشة انها قالت انها ام رجال المؤمنين فلا يعارض بما هو في القرآن خاصة وان ذلك ليس في الصحاح ولم يثبت بطرق متعددة توجب معه التحقق من صوابه

وما سبق هو ما اراه وارى انه هو صواب لما ذكر اعلاه والله اعلم


مسألة اغتسال عائشة خلف حجاب

ورد في البخاري قال حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ [ص:60]، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، يَقُولُ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَخُو عَائِشَةَ عَلَى عَائِشَةَ، فَسَأَلَهَا أَخُوهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ نَحْوًا مِنْ صَاعٍ، فَاغْتَسَلَتْ، وَأَفَاضَتْ عَلَى رَأْسِهَا، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَبَهْزٌ، وَالجُدِّيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، «قَدْرِ صَاعٍ»

وهناك من استغرب ذلك من عائشة رضي الله عنها ولعل الأمر فيه وضوح

فالباب اسمه "بَابُ الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ" فالمسألة هنا ان الغسل يكون بالصاع ونحوه

وليس ادل على ذلك من ان الأحاديث بعده تنص على ان البعض كان يشك في ان قدر الصاع يكفي

فالباب إذن باب إثبات ان الصاع يكفي للغسل، هذا من جهة ومن جهة اخرى فيظهر ان من سأل عائشة كأنه يقصد إن كان الصاع يكفي فأرادت عائشة ان تثبت لهم ان غسل النبي كان بصاع فدعت بإناء نحو صاع ثم احتجبت خلف حجاب والحجاب قد يكون جدار او ساتر قوي لتثبت لهما ان قدر صاع يكفي للغسل

والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين

السبت، 1 أكتوبر 2016

براءة الشيخ ابن عبدالوهاب من تكفير المسلمين

براءة الشيخ ابن عبدالوهاب من تهمة تكفير المسلمين
ردا على احد الأخوة في تويتر في هذه المسألة
لدي في ذلك نقطتين اولى وثانية
ولكنني سابدأ بالثانية رغم انه كان يجب ان اذكر الأولى منذ بداية نقاشنا
اما النقطة الثانية فهي :
قال حسن فرحان في كتابه (داعية وليس نبيا) النموذج السابع عشر (ص 92) : تكفير من يسمي أتباع الشيخ خوارج يقف مع خصومهم ولو كانوا موحدين وينكرون دعوة غير الله (الدرر السنية ج 1 ص 63)
وبالرجوع للدرر فقد تبين ان حسن فرحان استعمل التدليس والتعمية واخفى جزءا مهما مما قاله الشيخ ،، واما الجزء الذي اخفاه فهو دليل واضح على كفر من حكم بكفرهم الشيخ وفق نواقض التكفير التي هي من كتب الحنابلة قبل ان يذكرها الشيخ ابن عبدالوهاب
والجزء الذي لم يأتي به حسن فرحان فهو واضح من المعلم عليه في كلام ابن عبدالوهاب حيث يقول: "فإن قال قائلهم: إنهم يكفرون بالعموم; فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، الذي نكفر، الذي يشهد أن التوحيد دين الله، ودين رسوله، وأن دعوة غير الله باطلة، ثم بعد هذا يكفر أهل التوحيد، ويسميهم الخوارج، ويتبين مع أهل القبب على أهل التوحيد;"
فيظهر إخفاء عبارة "ثم بعد هذا يكفر أهل التوحيد" كذلك عبارة "ويتبين مع اهل القبب على أهل التوحيد"
ولفظ "يتبين" غير واضحة ولعلها تصحيف عن الأصل ولكن افهم من تلك العبارة ان من حكم عليهم الشيخ بالكفر هم الذين يقفون مع اهل القباب ضد اهل التوحيد ،، ومعلوم ان الوقوف مع اهل الشرك ضد اهل التوحيد من نواقض الإسلام كما قرره العلماء السابقين لابن عبدالوهاب
فيسقط دعوى حسن فرحان ويتبين انه مفتر على الشيخ ابن عبدالوهاب
كذلك الصورة التي ارفقتها وفيها قال الشيخ : وقد ذكر ابن قتيبة من ذلك طرفا، في أول مختلف الحديث ، وأبلغ من ذلك : أن منهم من صنف في الردة ، كما صنف الرازي في عبادة الكواكب، وهذه ردة عن الإسلام بإتفاق المسلمين، هذا لفظه بحروفه (انتهى النقل)
فهذا حكم بتكفير الرازي من قبل ابن قتيبة ويدل على ذلك قول الشيخ "وتأمل تكفيره رؤوسهم فلانا فلانا بأعيانهم وردتهم ردة صريحة ، وتأمل تصريحة بحكاية الإجماع على ردة الفخر الرازي عن الإسلام"
فهذا تكفير من ابن قتيبة للفخر الرازي بموجب احد نواقض الإسلام التي ذكرها العلماء قبل ابن عبدالوهاب
فبذلك يثبت ان الحكم بتكفير الفخر الرازي من ابن قتيبة وابن عبدالوهاب ناقل للخبر فتسقط تلك الدعوى ايضا
هذا ثانيا :
اما اولا :
فقد كنت اود لو انني ذكرت لك في البداية ان التكفير في حد ذاته امر مطلوب وفق الضوابط وحسب النواقض التي ذكرها العلماء قبل محمد بن عبدالوهاب
فلماذا يعاب على ابن عبدالوهاب انه عمل بما علم ،، ولماذا يعاب على ابن عبدالوهاب في نواقض الإسلام العشر وهي موجودة في كتب الحنابلة قبل ان يولد ابن عبدالوهاب
فبناء على ذلك فإن للإسلام نواقض كما ان للوضوء نواقض ،، وإذا جاء احد بناقض من نواقض الإسلام وجب الحكم عليه حسب الضوابط التي يجب مراعاتها ،، واما انه يجب الحكم عليه بالكفر فلان ذلك يرتبط بأحكام دنيوية تترتب عليه كعدم اكل ذبيحته وعدم تزويجه وعدم التوارث معه
وعلى ذلك فارى ان الحكم بكفر من ظهر منه الكفر ضرورة من ضرورات الدين وكما يتم الحكم على احد بالإسلام فإنه يجب ان يتم الحكم على من كفر انه كفر
وقد ذكر ابن عبدالوهاب المكفرات العشر ولكن حين ننظر فإننا نجدها بحذافيرها موجودة في كتب الحنابلة من قبله الشيخ ،، فلماذا نعتب على الشيخ انه ذكرها واظن انه متفق عليها بين الحنابلة او بين المذاهب الأربعه من قبله ،، هل لأن الشيخ عمل بها ،، ام لأن الشيخ حارب البدع والشركيات في زمانه
قد يقول قائل ان الشيخ حارب خصوم له وزعم انه وقع منهم الكفر ،، فنقول فقد ذهب الشيخ إلى ربه وحسابه وحسابهم على الله ،، فلا نستطيع ان نقوم بتغيير ما مضى من زمن ولا تعديل شيء الآن ولكن عندنا منهج الشيخ فإن كان منهج الشيخ مطابقا لقال الله قال رسوله وجب علينا الأخذ به وإن كان منهجه مخالفا كله او في بعضه لقال الله قال رسوله وجب نبذ ما يخالف قال الله قال رسوله وعدم نبذ ما يوافق قال الله قال رسوله
اما مسألة من يريد الغاء حكم التكفير على من يقع منه ناقض من نواقض الإسلام فهذا تمييع للدين وغش للناس وغش لمن وقع منهم الكفر فيتمادون ولا ينتبهون إلى انفسهم فيهلكوا
وإن الواجب على كل إنسان ان يسعى لنصح الناس ودعوتهم إلى تجنب الذنوب والمعاصي وليس هناك معصية اكبر من الشرك بالله
وهدفي من النقطة الأولى انه إن ظهر من ابن عبدالوهاب انه كفر احدا من الناس انه ينظر في حكمه فإن كان مصيبا فيه رأينا ذلك من فضله وإن كان مخطئا فيه قلنا ذهب إلى ربه وحسابه على الله

اما منهجه فلا نطرحه إن كان يوافق قال الله قال رسوله لخطأ وقع الشيخ فيه او لتجييره لمنهجه في تحقيق مأرب ضد خصومه