الأربعاء، 17 يوليو 2013

تهافت إستدلال الرافضة على إمامتهم المبتدعة

تهافت استدلال الرافضة على إمامتهم المبتدعة
اعجب اشد العجب من تمسك الرافضة بعقيدة الإمامة عندهم وهي لا ادلة عليها ولا براهين ،، يتمسكون بها رغم وضوح فسادها وكذبها ،، فما يدّعونه من إمامة ليس سوى كذبة كبيرة اخترعها لهم بعض اجدادهم وصدقوها بلا وعي منهم ولا إدراك
وبما ان القوم يعتقدون معتقدهم هذا في الإمامة فالواجب عليهم هم ان يُثبتوها وهذا ما لم يستطيعوه رغم تطاول القرون عليهم – ولن يستطيعوا – ،، لن يستطيعوا لأنها باطل محض وكذب صرف فكيف لهم أنْ يُثبتوا إمامة وهي كذب ،، ومن أين لهم ان يأتوا بأدلة لهم عليها ،، هذا ما لن يستطيعوه ولو اعطيناهم عمر نوح ومثله معه
وأمام عجز الرافضة عن إثبات عقيدة إمامتهم تلك وأمام إصرارهم على الاستمرار في اعتناقهم للاعتقاد بها وحرصها على إنقاذ عوامهم من الضلال رأينا تفنيد معتقدهم وإثبات بطلانه ،، وعقيدة إمامتهم تلك ساقطة من كل النواحي ،، فهي ساقطة بالقرآن وبالحديث وساقطة عقلا ومنطقا بل إن الحقائق التأريخية تتصادم معها ،، فلا يوجد من يقول بالإمامة إلا من سفه نفسه وضل عن سواء السبيل
إثبات فساد عقيدة الإمامة المبتدعة من القرآن
عقائد الرافضة تتعارض كليا مع القرآن ناهيك ان يؤيّد القرآن عقائدهم المبتدعة ،، تتعارض مع القرآن في مواضع عديدة ولذلك لا عجب إن زعم الرافضة ان القرآن محرّف ،، فلا يستقيم لهم دينهم إلا إن هم أمنوا أن القرآن محرّف ،، فإن قالوا بألسنتهم ان القرآن ليس محرّف فإن ذلك سيجعلهم يعيشون تناقضا حادا بين القرآن وبين دينهم إذ هما ضدان لا يجتمعان
واما قولهم ان القرآن غيّر محرّف فهذا يُلزمهم بإستحقاقات بالعمل بما فيه ،، والعمل بما فيه لا يترك لهم خيارا في نبذ عقائدهم وإن تمسكوا بها خالفوا القرآن لأن صريح القرآن يتعارض مع عقائدهم ناهيك ان يدعوا إليها ،، وهدفهم من زعمهم بألسنتهم ان القرآن غير محرّف لأجل الهرب من كشف كفرهم لعوام الناس إلا ان زعمهم هذا جعلهم يقعون في تناقض من انفسهم
ادلة فساد عقيدة الإمامة من القرآن
الدليل الأول :
امرنا الله بإتباع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار كما في قوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ،، وهذه آية صريحة وتوجب إتباع السابقين وتحدد ان ما عليه السابقين هو الحق لأن الله اثنى عليهم وعلى من إتبعهم بإحسان وتُثبت الآية ان الله اعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار
وامام ثناءه سبحانه وتعالى على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار فإننا لا نجد في القرآن كله لا يوجد ذكر لمن يزعم الرافضة انهم ائمة ولا امر لنا بإتباعهم ابدا ،، وهذا القرآن من اوله إلى آخر حرف فيه لا تجد في لا ذكر لمن يزعم الرافضة انهم ائمة ولا امر بإتباعهم
كما ان السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار بايعوا ابابكر وإرتضوه خليفة فهذا دليل لا يمكن دحضه بصحة خلافة ابي بكر ،، ومن العجيب ان نستدل على خلافة ابي بكر وصحتها في حين انه لا يعارض في ذلك إلا قوم يزعمون زعما ليس عليه دليل ولا حتى قرينة ،، ولولا عوام نرجوا هدايتهم منهم لما إلتفتنا إليهم او ناقشناهم ولقلنا لهم موعدكم يوم التغابن
فمن واقع امر الله لنا ان نتّبع السابقين ونحن نرى السابقين وقد بايعوا ابابكر وعمر فإن عقائد الرافضة كلها تسقط عن بكرة ابيها بهذا النص الواضح الصريح من القرآن
الدليل الثاني :
توعد الله من يرتد عن دينه بأنه سبحانه وتعالى سيأتي الله بقوم يُحبهم ويُحبونه يقاتلون في سبيل الله كما في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) ،، وان الذين قاتلوا المرتدين هم ابو بكر والذين معه ،، فثبت بذلك مكانة ابي بكر وسلامة ما هو عليه وصحة خلافته
ولنا ان نسأل الرافضة ،، إن كنتم تزعمون ان الصحابة إرتدوا حين لم يتخذوا عليا خليفة ،، فمن الذي قاتلهم كما توعد الله ،، فإما ان وعد الله باطل – تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا – او ان ما عليه الرافضة هو الباطل ،، فثبت بذلك ثبوتا قطعيا ان ما عليه الرافضة هو الباطل الصريح
الدليل الثالث :
ان الله امر حين حدوث تنازع ان نرد ذلك إلى الله ورسوله فقط ،، فلو كان في هذه الأمة ائمة معصومين كما يزعم الرافضة لكان الرد إليهم امر مطلوب ،، قال سبحانه وتعالى (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) ،، ولكن الله لم يأمرنا إلا بالرد إلى الكتب والسنة فقط فدل على انه لا وجود لمن يزعم الرافضة انهم ائمة
إثبات فساد عقيدة الإمامة المبتدعة من السنة
كتب السنة فيها احاديث صحيحة ثابتة بنقل الثقات العدول الضابطين عن مثلهم إلى منتهاه وفيها احاديث اقل منها في الضبط او العدالة ،، وفيها ما هو ضعيف او موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ،، فأما ما هو مكذوب او ضعيف فليس حجة واما ما كان اقل في مستواه عن الصحيح لذاته فهو حسب وضعه ما لم يخالف ما هو اصحّ منه ،، فالحجة اولا هي للصحيح لذاته
وحتى الأحاديث الصحيحة لذاتها فهي تتفاوت في قوتها وفق ما يعلمه اهل الحديث ،، وتتفاوت في موافقة القرآن او احاديث اخرى لها او إنفرادها او مخالفة احاديث اخرى لها او تواترها المعنوى او اللفظي أو إنفراد ثقة بها و/أو مخالفته لمن هو اوثق منه
وإننا نرى ان كل الأحاديث التي تُثني على ابي بكر وعمر وعثمان هي احاديث ثابتة صحيحة ،، وكلها تشهد لهم ولسابقتهم وان لأبي بكر مكانة لا يصل إليها احدا من الصحابة ،، فأفضل هذه الأمة قاطبة بعد النبي هو ابو بكر الصديق ،، فهو الصديق بين الصحابة ولا نعلم صديق غيره ،، وهو الذي لم يكن النبي ثاني أثنين إلا وكان الثاني ابابكر وهو احب رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار وفي الهجرة ،، وان النبي لو كان متخذا من هذه الأمة خليلا لما كان هذا الخليل إلا ابابكر ،، وابو بكر اعلم الصحابة قاطبة وهو الذي وفق الأحاديث الصحيحة المتفق عليها يأبى الله والمؤمنون إلا ابابكر وهو الذي كان اميرا للحجة سنة تسع وهو الذي كان يصلي بالناس في مرض النبي وعلي بن ابي طالب يُصلي مع المأمومين خلف ابابكر تحت سمع وبصر النبي صلى الله عليه وسلم وليس في هذه الامة بعد النبي من له سابقة وفضل وجهاد مثلما هو لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وارضاه
واما الرافضة واستدلالهم من كتب احاديث أهل السنة فالخلل في إستدلالهم بيّن والطعن فيه في غاية السهولة والتيسير والحمد لله
فأما الخلل في إستدلالهم فهم يستدلون بأحاديث إما هي صحيحة ولكنها لا تشهد اصلا لهم او انهم يستشهدون بأحاديث ضعيفة او مكذوبة وهذه إما انها ايضا لا تشهد لهم او انها لا تصح او انه يُعارضها ما هو اصحّ منها وأثبت
وأما الطعن في استدلال الرافضة من كتبنا فقد فنّده شيخ الإسلام ابن تيمية وانقل كلامه مختصرا مع تصرف وزيادة لا تُخل بالمعنى وقد جاء ذلك في كتابه الثمين منهاج السنة (الجزء السابع صفحة 38) في رده على الرافضي حين إستشهد بحديث رواه أمثال ابي نعيم او الثعلبي او غيرهم حيث قال رضي الله عنه :
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه فيقال للرافضة هل تقبلون كل ما يروية أمثال هؤلاء مطلقا أم تردونه مطلقا أم تقبلونه إذا كان لكم لا عليكم
فإن كنتم تقبلونه مطلقا فإنهم يروون أحاديث هي في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان تناقض أقوالكم وهم يجمعون كل ما رُوي وإن كانوا لا يعتقدون بصحة كثير منه فلسان حالهم يقول العهدة على القائل لا على الناقل وهم ينقلون حتى في العبادات احاديث ضعيفة بل موضوعة وكذلك المصنفون في التأريخ كتأريخ دمشق لابن عساكر فيروي ما يعرف اهل العلم انه كذب
فإذا كان المخالف (الرفضي) يقبل كل ما رواه هؤلاء في كتبهم فقد رووا أشياء كثيرة تناقض دين الرافضة
وإن كان الرافضي يرد جميع ما نقلوه فيبطل بذلك إحتجاجه بمجرد عزو الحديث إلى كتبهم
وإن قال الرافضي اقبل ما يوافق ديني وأرد ما يخالفه فإنه يمكن لمنازعه ان يقول مثل قوله
ويقررُ ابن تيمية أنه إنْ إحتجّ الرافضي على صحّة دينه بمثل هذا ،، فيقال له إن كنت إنما عرفت صحّة هذا الحديث بدون دينك فأذكر ما يدل على صحّته ،، وإن كنت إنما عرفت صحته لأنه متفق مع دينك فكيف تستدل على صحة دينك بحديث تصححه لأنه وافق دينك فيكون حينئذ صحة دينك موقوفة على صحة الحديث و صحة الحديث موقوفة على صحة دينك فيلزم الدور الممتنع
ويُقرر ابن تيمية أنه إن كان الرافضي عرف صحة دينه بدون هذا الحديث فلا يلزم له صحة الحديث لأنه يجب ان يكون مستغنياً عنه وإن كان محتاجاً إليه سقط استدلاله (انتهى النقل من كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية)
فسقط بالكلية إستدلال الرافضة من السنة وثبت من السنة افضلية ابا بكر وعمر على علي بن ابي طالب وغيره ممن غلى فيهم الرافضة وعبدوهم من دون الله
ثم نأتي إلى استدلالات الرافضة بأحاديث من كتبنا ،، فإستدلالات الرافضة من كتبنا لا تؤيّدهم لذلك يبالغ الرافضة في استنباط اشياء من النصوص ليست موجودة في النصوص ويتكلفون في ذلك ،، وهذه امثلة والباقي مثلها :
المثال الأول : استدلال الرافضة بقول النبي لعلي انت مني بمنزلة هارون من موسى
وفي هذا الحديث لا نجد ان النبي قال ان علي إمام ولا قال النبي ان عليا معصوم فمن اين استنبط الرافضة الإمامة ،، لا يوجد في هذا الحديث إلا التشبيه بالإستخلاف حيث نفى النبي النبوة عن علي وبقيت مسألة الإمامة ،، وحيث ان هارون ليس إماما فثبت ان علي بن ابي طالب ليس نبي وليس إمام ،، وهذا غير ان موسى استخلف هارون على وقومة في حين ان رسول الله استخلف علي على نساءه حيث كان المستخلف على المدينة سباع بن عرفطة وقيل محمد بن مسلمه ،،،، سقط استدلالهم بهذا الحديث
المثال الثاني : من كنت مولاه فعلي مولاه
وفي هذا الحديث كان النبي يبيّن للصحابة الذين وقعوا ونالوا من علي مكانة علي وليس فيه اكثر من ذلك ،، ونرى الرافضة يتعسّفون ويتكلفون إستنباط امورا ليست موجودة في نص الحديث ،، وفي هذا النص لا يوجد ان علي إمام ولا انه معصوم
وقد يسأل احدهم ولماذا قال النبي ذلك لعلي دون غيره إذا كان اهل السنة يقولون ان ابابكر وعمر وعثمان افضل من علي بن ابي طالب ،، قلنا لأنه لم يحصل ان وقع احدا في ابي بكر او عمر او عثمان حتى يحتاج النبي ليبيّن لهم ،، وإننا نجد انه حين اختلف عمر مع ابي بكر فإن النبي غضب لأبي بكر اشد وبيّن منزلته اشدا مما فعل مع علي فقال النبي كما في صحيح البخاري فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله والله أنا كنت أظلم مرتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي مرتين فما أوذي بعدها ،، ومن هنا نجد ان وجه النبي تمعّر لأبي بكر حتى ان ابابكر اشفق مما رأه على عمر بن الخطاب وقد بين النبي فضل ابي بكر وبيّن انه اول من اسلم حيث قال إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي مرتين فما أوذي بعدها ،، هل سمعتم ايها الرافضة ،، فما اوذي بعدها وانتم تؤذونه وتؤذون ابنته الصديقة
فهذا النبي يغضب لأبي بكر اشد مما غضب لعلي وان النبي يغضب لأبي بكر ممن هو افضل بكثير من الذين وقعوا في علي بن ابي طالب ،، ان النبي غضب لأبي بكر رغم انه احدا لم يقع فيه او ينال منه فكيف لو حصل ذلك ،، وأنتم ترون ان غضب النبي لأبي بكر اشد وهو غضب على من هو افضل من الذين وقعوا في علي
المثال الثالث : دعاء النبي لأصحاب الكساء
وكذلك في هذا الحديث نجد ان الرافضة يتكلفون الإستنباط منه ويتعسّفونه ليدعموا دينهم وليس فيه ما يرجون منه ،، فليس في الحديث ان النبي قال ان عليا إمام او انه معصوم ،، ففي الحديث نجد ان النبي دعا لأصحاب الكساء ليحصل لهم ما سبق لأزواج النبي حصوله لهن بموجب آية من القرآن ثابتة لا ريب فيها وقطعية الدلالة ،، إضافة إلى ان ازواج النبي لم يحصل لهن التطهير مجانا وبلا مقابل ،، بل إن حصوله لهن كان بموجب اوامر ونواهي وتوجيهات ربّانية بيّن الله بعد ذلك ان ذلك ليحصل لهن إذهاب الرجس عنهن ويحصل لهن التطهير ،، فهو تطهير له إستحقاقات توجب حصوله ،، فما هي الإستحقاقات التي يتوجب على علي وفاطمة والحسن والحسين القيام به ليحصل لهم إذهاب الرجس والتطهير كما حصل لأزواج النبي ،، فثبوت حصول إذهب الرجس والتطهير لأزواج النبي آكد من ثبوته لعلي وفاطمة والحسن والحسين
إنه ليس بين الله وبين احد من خلقه نسب حتى ينال احدا فضل ومكانة بدون إستحقاقات ،، وقد سألنا الرافضة سؤال فققلنا إن كان ما يرونه من مكانة لعلي وفاطمة والحسن والحسين انهم نالوها بسبب قرابتهم من النبي فليخرجوا لنا ان القرابة ترفع من شأن صاحبها او تقربه من الله ،، وإن كانوا يزعمون ان هذا المكانة التي يظنونها لمن غلو فيهم إنما نالوها بسبب تقوى هي لهم واعمال قاموا بها فليُخرجوا لنا تلك الأعمال وتلك التقوى حتى نؤمن معهم ،، مع تعدد طرح هذا السؤال في التويتر إلا انه لم يتجرأ احدا من الرافضة فيُجيب عليه

إثبات فساد عقيدة الإمامة المبتدعة بالعقل والمنطق وبالحقائق التأريخية
تم إضافتها كموضوع مستقل لحجمه ولأنه نقل لكلام ابن حزم
وبخصوص هذا الموضوع ففي ما ذكره ابن حزم رضي الله عنه ما يزيد على الكفاية بكثير وفيه من القوة والحجة والبلاغة ما يُغني عن مثله وانقله هنا بتصرف بسيط يتمثل في حذف بعض ما يمكن الإستغناء عنه للإختصار حيث انه طويل بعض الشيء وقد جعله في مشاركة مستقلة تأتي اسفل هذه المشاركة وكلام ابن حزم في غاية القوة والتأصيل والأهمية رغم طوله إلا انه غني ومركز وشامل ومفصل وجدير ان يُكتب بماء الذهب

هنا http://truth6.blogspot.com/2013/07/blog-post.html

إثبات فساد عقيدة الإمامة المبتدعة بالعقل والمنطق وبالحقائق التأريخية لابن حزم

إثبات فساد عقيدة الإمامة المبتدعة بالعقل والمنطق وبالحقائق التأريخية
دين الرافضة لا يصمد امام الحقائق لا شرعا ولا عقلا ،، فالمنطق يخالف دين الرافضة  ،، ولقد فنّد ابن حزم دين الرافضة وعقائدهم كما ورد في كتاب الفصل في الملل والنحل تحت عنوان : لا إله إلى الله عدة للقائه الكلام في الإمامة والمفاضلة جاء ما يلي بتصرف عبر حذف بسيط للإختصار :
قال أبو محمد بن حزم : وعمدة هذه الطوائف (طوائف الشيعة) كلها في الاحتجاج أحاديث موضوعة مكذوبة لا يعجز عن توليد مثلها من لا دين له ولا حياء ،، ولا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا فهم لا يصدقونا ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم فنحن لا نصدقها ،، إلا أن بعض ما يشغبون به أحاديث صحاح نوافقهم على صحتها منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ،، قال أبو محمد : وهذا لا يوجب له فضلاً على من سواه ولا استحقاق الإمامة بعده عليه السلام لأن هارون لم يل أمر بني إسرائيل بعد موسى عليهما السلام وإنما ولي الأمر بعد موسى عليه السلام يوشع بن نون فتى موسى وصاحبه الذي سافر معه في طلب الخضر عليهما السلام كما ولي الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبه في الغار الذي سافر معه إلى المدينة
القول في قول الرافضة لابد للناس من إمام معصوم
قال أبو محمد : وعمدة ما احتجت به الإمامية أن قالوا لا بد من أن يكون إمام معصوم عنده جميع الشريعة ترجع الناس إليه في أحكام الدين ليكونوا مما تعبدوا به على يقين
قال أبو محمد : هذا لا شك فيه وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بلغ من كلام الله تعالى إلى من بحضرته وإلى من كان في حياته غائباً عن حضرته وإلى كل من يأتي بعد موته صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة قال عز وجل «اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء» فهذا نص ما قلنا وإبطال اتباع أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وجدنا علي رضي الله عنه إذ دعي إلى التحاكم إلى القرآن أجاب وأخبر أن التحاكم إلى القرآن حق ولو كان التحاكم إلى القرآن لا يجوز بحضرة الإمام لقال علي حينئذ كيف تطلبون تحكيم القرآن وأنا الإمام المبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإن قال (أي الرافضي) وإذ مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا بد من إمام يبلغ الدين قلنا هذا باطل ودعوى بلا دليل او برهان وإنما الذي يحتاج إليه أهل الأرض من رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانه وتبليغه فقط سواء في ذلك من كان بحضرته ومن غاب عنه ومن جاء بعده فالمراد منه عليه السلام كلام باق أبداً مبلغ إلى كل من في الأرض وأيضاً فلو كان ما قالوا من الحاجة إلى إمام موجود أبداً لإنتقض ذلك عليهم بمن كان غائباً عن حضرة الإمام في أقطار الأرض إذ لا سبيل إلى أن يشاهد الإمام جميع أهل الأرض الذين في المشرق والمغرب من فقير وضعيف وامرأة ومريض ومشغول بمعاشه الذي يضيع إن أغفله فلا بد من التبليغ عن الإمام فالتبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع من التبليغ عمن هو دونه وهذا ما لا انفكاك لهم منه .
قال أبو محمد : لا سيما وجميع أئمتهم الذين يدعون بعد علي والحسن والحسين رضي الله عنهم ما أمروا قط في غير منازل سكناهم وما حكموا على قرية فما فوقها بحكم فما الحاجة إليهم لا سيما منذ مائة عام وثمانين عاماً فإنهم يدعون إماماً ضالاً لم يخلق كعنقاء مغرب وهم أولو فحش وقحة وبهتان ودعوى كاذبة لم يعجز عن مثلها أحد وأيضاً فإن الإمام المعصوم لا يعرف أنه معصوم إلا بمعجزة ظاهرة عليه أو بنص تنقله العلماء عن النبي صلى الله عليه وسلم على كل إمام بعينه واسمه ونسبه وإلا فهي دعوى لا يعجز عن مثلها أحد لنفسه أو لمن شاء ولقد يلزم كل ذي عقل سليم أن يرغب بنفسه عن اعتقاد هذا الجهل الغث البارد السخيف الذي ترتفع عقول الصبيان عنه وما توفيقنا إلا بالله عز وجل
لم يدّعي علي انه إمام قط ولا قالها احد من الصحابة
ويقول ابو محمد : وبرهان آخر ضروري وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وجمهور الصحابة رضي الله عنهم يعلم الناس الدين فما منهم أحد أشار إلى علي بكلمة يذكر فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص عليه ولا ادعى ذلك قط لا في ذلك الوقت ولا بعده ولا ادعاه له أحد في ذلك الوقت ولا بعده ومن المحال الممتنع الذي لا يمكن البتة ولا يجوز اتفاق أكثر من عشرين ألف إنسان متنابذي الهمم والنيات والأنساب أكثرهم موتور في صاحبه في الدماء من الجاهلية على طي عهد عاهده رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وما وجدنا قط رواية عن أحد بهذا النص المدعى إلا رواية واحدة واهية عن مجهولين إلى مجهول يكنى بالحمراء لا يعرف من هو في الخلق ووجدنا علياً رضي الله عنه تأخر عن البيعة ستة أشهر فما أكرهه أبو بكر على البيعة حتى بايع طائعاً مراجعاً غير مكره فكيف حل لعلي رضي الله عنه عند هؤلاء النوكى أن يبائع طايعاً رجلاً إما كافراً وإما فاسقاً جاحداً لنص رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعينه على أمره ويجالسه في مجالسه ويواليه إلى أن مات ثم يبايع بعده عمر بن الخطاب مبادراً غير متردد ساعة فما فوقها غير مكره بل طائعاً وصحبه وأعانه على أمره وانكحه من ابنة فاطمة رضي الله عنها ثم أقبل ادخاله في الشورى أحد ستة رجال فكيف حل لعلي عند هؤلاء الجهال أن يشارك بنفسه في شورى ضالة وكفر ويغر الأمة هذا الغرور وهذا الأمر أدى بالكامل إلى تكفير علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأنه في زعمه أعان الكفار على كفرهم وأيدهم على كتمان الديانة وعلى ما لا يتم الدين إلا به .
قال أبو محمد : ولا يجوز أن يظن بعلي رضي الله عنه انه أمسك عن ذكر النص عليه خوف الموت وهو الأسد الشجاع قد عرض نفسه للموت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومرات يوم الجمل وصفين فما الذي جبنه بين هاتين الحالتين وما الذي ألف بين أبصار الناس على كتمان حق علي ومنعه ما هو أحق به مذ مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قتل عثمان رضي الله عنه ثم ما الذي جلى بصائرهم في عونه إذ دعا إلى نفسه فقامت معه طوائف من المسلمين عظيمة وبذلوا دماءهم دونه ورأوه حينئذ صاحب الأمر والأولى بالحق ممن نازعه فما الذي منعه ومنعهم من الكلام وإظهار النص الذي يدعيه الكذابون إذ مات عمر رضي الله عنه وبقي الناس بلا رأس ثلاثة أيام أو يوم السقيفة وأظرف من هذا كله بقاؤه ممسكاً عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه ستة أشهر فما سئلها ولا أجبر عليها ولا كلفها وهو متصرف بينهم في أموره فلولا أنه رأى الحق فيها واستدرك أمره فبايع طالباً حظ نفسه في دينه راجعاً إلى الحق لما بايع فإن قالت الروافض أنه بعد ستة أشهر رأى الرجوع إلى الباطل فهذا هو الباطل حقاً لا ما فعل علي رضي الله عنه ثم ولى علي رضي الله عنه فما غير حكماً من أحكام أبي بكر وعمر وعثمان ولا أبطل عهداً من عهودهم ولو كان ذلك عنده باطلاً لما كان في سعة من أن يمضي الباطل وينفذه وقد ارتفعت التقية عنه
وأيضاً فقد نازع الأنصار رضي الله عنهم أبا بكر رضي الله عنه ودعوا إلى بيعة سعد بن عبادة رضي الله عنه ودعا المهاجرون إلى بيعة أبي بكر رضي الله عن جميعهم وقعد علي رضي الله عنه في بيته لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ليس معه أحد غير الزبير بن العوام ثم استبان الحق للزبير رضي الله عنه فبايع سريعاً وبقي علي وحده لا يرقب عليه ولا يمنع من لقاء الناس ولا يمنع أحد من لقائه فلا يخلو رجوع الأنصار كلهم إلى بيعة أبي بكر من أن يكون عن غلبة أو عن ظهور حقه إليهم فأوجب ذلك الانقياد لبيعته أو فعلوا ذلك مطارفة لغير معنى ولا سبيل إلى قسم رابع بوجه من الوجوه فإن قالوا بايعوه بغلبة كذبوا لأنه لم يكن هنالك قتال ولا تضارب ولا سباب ولا تهديد ولا وقت طويل ينفسح للوعيد ولا سلاح مأخوذ ومحال أن يترك أزيد من ألفي فارس أنجاد أبطال كلهم عشيرة واحدة قد ظهر من شجاعتهم ما لا مرمى وراءه وهو أنهم بقوا ثمانية أعوام متصلة محاربين لجميع العرب في أقطار بلادهم موطنين على الموت متعرضين مع ذلك للحرب مع قيصر الروم بمؤتة وغيرها ولكسرى والفرس ببصرى من يخاطبهم يدعوه إلى اتباعه وأن يكون كأحد من بين يديه هذه صفة الأنصار التي لا ينكرها إلا رقيع مجاهر بالكذب فمن المحال الممتنع أن يرهبوا أبا بكر ورجلين أتيا معه فقط لا يرجع إلى عشيرة كثيرة ولا إلى موال ولا إلى عصبة ولا مال فرجعوا إليه وهو عندهم مبطل وبايعوه بلا تردد ولا تطويل
وكذلك يبطل أن يرجعوا عن قولهم وما كانوا قد رأوه من أن الحق حقهم وعن بيعة ابن عمهم مطارفة بلا خوف ولا ظهور الحق إليهم فمن المحال اتفاق أهواء هذا العدد العظيم على ما يعرفون أنه باطل دون خوف يضطرهم إلى ذلك ودون طمع يتعجلونه من مال أو جاه بل فيما ترك العز والدنيا والرياسة وتسليم كل ذلك إلى رجل لا عشيرة له ولا منعة ولا حاجب ولا حرس على بابه ولا قصر ممتنع فيه ولا موالي ولا مال فأين كان علي وهو الذي لا نظير له في الشجاعة ومعه جماعة من بني هاشم وبني المطلب من قتل هذا الشيخ الذي لا دافع دونه لو كان عنده ظالماً وعن منعه وزجره
بل قد علم والله علي رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه على الحق وإن من خالفه على الباطل فأذعن للحق بعد أن عرضت له فيه كبوة كذلك الأنصار رضي الله عنهم وإذ قد بطل كل هذا فلم يبق إلا أن علياً والأنصار رضي الله عنهم إنما رجعوا إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه لبرهان حق صح عندهم عن النبي صلى الله عليه وسلم لا لاجتهاد كاجتهادهم ولا لظن كظنونهم فإذ قد بطل أن يكون الأمر في الأنصار وزالت الرياسة عنهم فما الذي حملهم كلهم أولهم عن آخرهم على أن يتفقوا على جحد نص النبي صلى الله عليه وسلم على إمامة علي ومن المحال أن تتفق آراؤهم كلهم على معونة من ظلمهم وغصبهم حقهم إلا أن تدعي الروافض أنهم كلهم اتفق لهم نسيان ذلك العهد فهذه أعجوبة من المحال غير ممكنة
من اين للرافضة معرفة الإمامة إذا كان الناس تواطئوا على كتمانه
ثم لو أمكنت لجاز لكل أحد أن يدعي فيما شاء من المحال أنه قد كان وإن الناس كلهم نسوه وفي هذا إبطال الحقائق كلها وأيضاً فإن كان جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اتفقوا على جحد ذلك النص وكتمانه واتفقت طبائعهم كلهم على نسيانه فمن أين وقع إلى الروافض أمره ومن بلغه إليهم وكل هذا هو هوس ومحال فبطل أمر النص على علي رضي الله عنه بيقين لا إشكال فيه والحمد لله رب العالمين
فساد زعم الرافضة ان الناس تركوا علي لحقد في قلوبهم
فإن قال قائل أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان قد قتل الأقارب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتولد له بذلك حقد في قلوب جماعة من الصحابة ولذلك انحرفوا عنه قيل له هذا تمويه ضعيف كاذب لأنه إن ساغ لكم ذلك في بني عبد شمس وبني مخزوم وبني عبد الدار وبني عامر لأنه قتل من كل قبيلة من هذه القبائل رجلاً أو رجالاً فقتل من بني عامر بن لؤي رجلاً واحداً وهو عمرو بن ود وقتل من بني مخزوم وبني عبد الدار رجالاً وقتل من بني عبد شمس الوليد بن عقبة والعاص بن سهل بن العاص بلا شك وشارك في قتل عتبة بن ربيعة وقيل قتل عقبة بن أبي معيط وقيل قتله غيره وهو عاصم بن ثابت الأنصاري ولا مزيد فقد علم كل من له أقل علم بالأخبار أنه لم يكن لهذه القبائل ولا لأحد منهم يوم السقيفة حل ولا عقد ولا رأي ولا أمر اللهم إلا أن أبا سفيان بن حرب بن أمية كان مائلاً إلى علي في ذلك الوقت عصبية للقرابة لا تديناً وكان ابنه يزيد وخالد بن سعيد بن العاص والحارث بن هشام ابن المغيرة والمخزومي مائلين إلى الأنصار تديناً والأنصار قتلوا أبا جهل بن هشام أخاه وقد كان محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة شديد الميل إلى علي حين قصة عثمان وبعدها حتى قتله معاوية على ذلك فعرفونا من قتل علي من بني تيم بن مرة أو من بني عدي بن كعب حتى يظن أهل القحة أنهما حقدا عليه
ثم أخبرونا من قتل من الأنصار أو من جرح منهم أو من أذى منهم ألم يكونوا معه في تلك المشاهد كلها بعضهم متقدم وبعضهم مساو له وبعضهم متأخر عنه فأي حقد كان له في قلوب الأنصار حتى يتفقوا كلهم على جحد النص عليه وعلى إبطال حقه وعلى ترك ذكر اسمه جملة وإيثار سعد بن عبادة عليه ثم على إيثار أبي بكر عليه وعمر عليه والمسارعة إلى بيعته بالخلافة دونه وهو معهم وبين أظهرهم يرونه غدواً وعشياً لا يحول بينهم وبينه أحد ثم أخبرونا من قتل علي من أقارب أولاد المهاجرين من العرب من مضر وربيعة واليمن وقضاعة حتى يصفقوا كلهم على كراهية ولايته ويتفقوا كلهم على جحد النص عليه إن هذه لعجائب لا يمكن اتفاق مثلها في العالم أصلاً ولقد كان لطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص من القتل في المشركين كالذي كان لعلي فما الذي خصه باعتقاد الأحقاد له دونهم لو كان للروافض حياء أو عقل
ولقد كان لأبي بكر رحمه الله ورضي الله عنه في مضادة قريش في الدعاء إلى الإسلام ما لم يكن لعلي فما منعهم ذلك من بيعته وهو أسوأ الناس أثراً عند كفارهم ولقد كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في مغالبة كفار قريش وإعلانه الإسلام على زعمهم ما لم يكن لعلي رضي الله عنه فليت شعري ما الذي أوجب أن ينسى آثار هؤلاء كلهم ويعادوا علياً من بينهم كلهم لولا قلة حياء الروافض وصفاقة وجوههم حتى بلغ الأمر بهم إلى أن عدوا على سعد بن أبي وقاص وابن عمر وأسامة بن زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورافع بن خديج الأنصاري ومحمد بن مسلمة الأنصاري وزيد بن ثابت الأنصاري وأبي هريرة وأبي الدراء وجماعة غير هؤلاء من المهاجرين أنهم لم يبايعوا علياً إذ ولي الخلافة ثم بايعوا معاوية ويزيد ابنه من أدركه وادعوا أن تلك الأحقاد حملتهم على ذلك .
حماقة الرافضة في طعنهم في الذين لم يروا البيعة في الفرقة
قال أبو محمد : حمق الرافضة وشدة ظلمة جهلهم وقلة حيائهم هورهم في الدمار والبوار والعار والنار وقلة المبالاة بالفضائح وليت شعري أي حماسة وأي كلمة حسنة كانت بين علي وبين هؤلاء أو أحد منهم وإنما كان هؤلاء ومن جرى مجراهم لا يرون بيعة في فرقة فلما أصفق المسلمون على ما أصفقوا عليه كائناً من كان دخلوا في الجماعة وهكذا فعل من أدرك من هؤلاء ابن الزبير رضي الله عنه ومروان فإنهم قعدوا عنهما فلما انفرد عبد الملك بن مروان بايعه من أدركه منهم لا رضا عنه ولا عداوة لابن الزبير ولا تفضيلاً لعبد الملك علي ابن الزبير لكن لما ذكرنا وهكذا كان أمرهم في علي ومعاوية فلاحت نوكة هؤلاء المجانين والحمد لله رب العالمين .
حماقة الرافضة في الإدعاء ان عليا خُص دونه غيره بالعداء
وهل اعتذر إليه احد من تخلفهم عن بيعته بعد ان بايعوه بعد مقتل عثمان
قال أبو محمد : وهذا زيد بن حارثة قتل يوم بدر حنظلة بن أبي سفيان وهذا الزبير بن العوام قتل يوم بدر أيضاً عبيدة بن سعيد بن العاص وهذا عمر بن الخطاب قتل يومئذ العاص بن هشام بن المغيرة فهلا عاداهم أهل هؤلاء المقتولين وما الذي خص علياً أولياء من قتل دون سائر من قلنا لولا جنون الرافضة وعدم الحياء من وجوههم ثم لو كان ما ذكروه حقاً فما الذي كان دعا عمر إلى إدخاله في الشورى مع من أدخله فيها ولو أخرجه منها كما أخرج سعيد بن زيد أو قصد إلى رجل غيره فولاه ما اعترض عليه أحد في ذلك بكلمة فصح ضرورة بكل ما ذكرنا أن القوم أنزلوه منزلته غير عالين ولا مقصرين رضي الله عنهم أجمعين وأنهم قدموا الأحق فالأحق والأفضل فالأفضل وساووه بنظرائه منهم ثم أوضح برهان وأبين بيان في بطلان أكاذيب الرافضة أن علياً رضي الله عنه لما ادعي إلى نفسه بعد قتل عثمان رضي الله عنه سارعت طوائف المهاجرين والأنصار إلى بيعته فهل ذكر أحد من الناس أن أحداً منهم اعتذر إليه مما سلف من بيعتهم لأبي بكر وعمر وعثمان أو هل تاب أحد منهم من جحده للنص على إمامته أو قال أحد منهم لقد ذكرت هذا النص الذي كنت أنسيته في أمر هذا الرجل
أن عقولاً خفي عليها هذا الظاهر اللائح لعقول مخذولة لم يرد الله أن يهديها ثم مات عمر رضي الله عنه وترك الأمر شورى بين ستة من الصحابة علي أحدهم ولم يكن في تلك الأيام الثلاثة سلطان يخاف ولا رئيس يتوقى ولا مخافة من أحد ولا جند معد للتغلب أفترى لو كان لعلي رضي الله عنه حق ظاهر يختص به من نص عليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من فضل بائن على من معه ينفرد به عنهم أما كان الواجب على علي أن يقول أيها الناس كم هذا الظلم لي وكم هذا الكتمان بحقي وكم هذا الجحد لنص رسول الله صلى الله عليه وسلم وكم هذا الإعراض عن فضلي البائن على هؤلاء المقرونين لي فإذ لم يفعل لا يدري لماذا أما كان في بني هاشم أحد له دين يقول هذا الكلام أما العباس عمه وجميع العالمين على توقيره وتعظيمه حتى أن عمر توسل به إلى الله تعالى بحضرة الناس في الاستسقاء وأما أحد بنيه وأما عقيل أخوه وأما أحد بني جعفر أخيه أو غيرهم فإذ لم يكن في بني هاشم أحد يتقي الله عز وجل ولا يأخذه في قول الحق مداهنة أما كان في جميع أهل الإسلام من المهاجرين والأ صار وغيرهم واحد يقول يا معشر المسلمين قد زالت الرقبة وهذا علي له حق واجب بالنص وله فضل بائن ظاهر لا يمترى فيه فبايعوه فأمره بين أن أصفاق جميع الأمة أولها عن آخرها من برقة إلى أول خراسان ومن الجزيرة إلى أقصى اليمن إذ بلغهم الخبر على السكوت عن حق هذا الرجل واتفاقهم على ظلمه ومنعه من حقه وليس هناك شيء يخافونه لإحدى عجائب المحال الممتنع وفيهم الذين بايعوه بعد ذلك إذ صار الحق حقه وقتلوا أنفسهم دونه فأين كانوا عن إظهار ما تنبهت له الروافض الأنذال ثم العجب إذ كان غيظهم عليه هذا الغيظ واتفاقهم على جحده حقه هذا الاتفاق كيف تورعوا عن قتله ليستريحوا منه أم كيف أكرموه وبروه وأدخلوه في الشورى وقال هشام بن الحكم كيف يحسن الظن بالصحابة أن لا يكتموا النص على علي وهم قد اقتتلوا وقتل بعضهم بعضاً فهل يحسن بهم الظن في هذا .
رد ابن حزم على ما قد يسأله الرافضة بأي شيء يُعرف الإمام
قال أبو محمد : فإن قالوا قد أقررتم أنه لا بد من إمام فبأي شيء يعرف الإمام لا سيما وأنتم خاصة معشر أهل الظاهر لا بنص قرآن أو خبر صحيح وهذا أيضاً مما سألنا عنه أصحاب القياس والرأي قال أبو محمد : فجوابنا وبالله التوفيق أن رسول صلى الله عليه وسلم نص على وجوب الإمامة وأنه لا يحل بقاء ليلة دون بيعة وافترض علينا بنص قوله الطاعة للقرشي إماماً واحداً لا ينازع إذا قادنا بكتاب الله عز وجل فصح من هذه النصوص النص على صفة الإمام الواجب طاعته كما صح النص على صفة الشهود في الأحكام وصفة المساكين والفقراء الواجب لهم الزكاة وصفة من يؤم في الصلاة وصفة من يجوز نكاحها من النساء وكذلك سائر الشريعة كلها ولا يحتاج إلى ذكر الأسماء إذ لم يكلفنا الله عز وجل ذلك فكل قرشي بالغ عاقل بادر إثر موت الإمام الذي لم يعهد إلى أحد فبايعه واحد فصاعداً فهو الإمام الواجب طاعته ما قادنا بكتاب الله تعالى وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمر الكتاب باتباعها فإن زاغ عن شيء منهما منع من ذلك أو أقيم عليه الحد والحق فإن لم يؤمن أذاه إلا بخلعه خلع وولي غيره منهم فإن قالوا قد اختلف الناس في تأويل القرآن والسنة ومنع من تأويلهما بغير نص آخر قلنا أن التأويل الذي لم يقم عليه برهان تحريف الكلم عن مواضعه وقد جاء النص بالمنع من ذلك وليس الاختلاف حجة وإنما الحجة في نص القرآن والسنن وما اقتضاء لفظهما العربي الذي خوطبنا به وبه ألزمتنا الشريعة .
سحق ابن حزم لإدعاء الرافضة شدة الحاجة إلى إمام لبيان الشريعة
وما بيّنه رحمه الله من ان كل مزاعم الرافضة ليست سوى دعاوى فارغة
قال أبو محمد : ثم نسألهم فنقول لهم أن عمدة احتجاجكم في إيجاب إمامتكم التي تدعيها جميع فرقكم إنما هي وجهان فقط أحدهما النص عليه باسمه والثاني شدة الفاقة إليه في بيان الشريعة إذ علمها عنده لا عند غيره ولا مزيد فأخبروني بأي شيء صار محمد بن علي بن الحسين أولى بالإمامة من أخوته زيد وعمر وعبد الله وعلي والحسين فإن ادعوا نصاً من أبيه عليه أو من النبي صلى الله عليه وسلم أنه الباقر لم يكن ذلك ببدع من كذبهم ولم يكونوا أولى بتلك الدعوى من الكيسانية في دعواهم النص على ابن الحنفية وإن ادعوا أنه كان من فضل من اخوته كانت أيضاً دعوى بلا برهان والفضل لا يقطع على ما عند الله عز وجل فيه بما يبدو من الإنسان فقد يكون باطنه خلاف ظاهره وكذلك يسألون أيضاً ما الذي جعل موسى بن جعفر أولى بالإمامة من أخيه محمد أو إسحاق أو علي فلا يجدون إلى غير الدعوى سبيلاً وكذلك أيضاً يسألون ما الذي خص علي بن موسى بالإمامة دون اخوته وهم سبعة عشر ذكراً فلا يجدون شيئاً غير الدعوى وكذلك يسألون ما الذي جعل محمد بن علي بن موسى أولى بالإمامة من أخيه علي بن علي وما الذي جعل علي بن محمد أولى بالإمامة من أخيه موسى بن محمد وما الذي جعل الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى أحق بالإمامة من أخيه جعفر بن علي فهل هاهنا شيء غير الدعوى الكاذبة الذي لا حياء لصاحبها والتي لو ادعى مثلها مدع للحسن بن الحسن أو لعبد الله بن الحسن أو لأخيه الحسن بن الحسن أو لابن أخيه علي بن الحسن أو لمحمد بن عبد الله القائم بالمدينة أو لأخيه إبراهيم أو لرجل من ولد العباس أو من بني أمية أو من أي قوم من الناس كان لساواهم في الحماقة ومثل هذا لا يشتغل به من له مسكة من عقل أو منحة من دين ولو قلت أو رقعة من الحياء فبطل وجه النص
دحض زعم الرافضة القائل بالحاجة إلى ائمتهم لبيان الدين
وأما وجه الحاجة إليه في بيان الشريعة فما ظهر قط من أكثر أئمتهم بيان لشيء مما اختلف فيه الناس وما بأيديهم من ذلك شيء إلا دعاوي مفتعلة قد اختلفوا أيضاً فيها كما اختلف غيرهم من الفرق سواء سواء إلا أنهم أسوأ حالاً من غيرهم لأن كل من قلد إنساناً كأصحاب أبي حنيفة لأبي حنيفة وأصحاب مالك لمالك وأصحاب الشافعي للشافعي وأصحاب أحمد لأحمد فإن لهؤلاء المذكورين أصحاباً مشاهير نقلت عنهم أقوال صاحبهم ونقلوها هم عنه ولا سبيل إلى اتصال خبر عندهم ظاهر مكشوف يضطر الخصم إلى أن هذا قول موسى بن جعفر ولا أنه قول علي بن موسى ولا أنه قول محمد بن علي بن موسى ولا أنه قول علي بن محمد ولا أنه قول الحسن بن علي وأما من بعد الحسن بن علي فعدم بالكلية وحماقة ظاهرة وأما من قبل موسى بن جعفر فلو جمع كل ما روى في الفقه عن الحسن والحسين رضي الله عنهما لما بلغ عشر أوراق فما ترى المصلحة التي يدعونها في إمامهم ظهرت ولا نفع الله تعالى بها قط في علم ولا عمل لا عندهم ولا عند غيرهم ولا ظهر منهم بعد الحسين رضي الله عنه من هؤلاء الذين سموا أحداً ولا أمر منهم أحد قط بمعروف معلن وقد قرأنا صفة هؤلاء المخاذلين المنتمين إلى الإمامية القائلين بأن الدين عند أئمتهم فما رأينا إلا دعاوي باردة وآراء فاسدة كأسخف ما يكون من الأقوال ولا يخلو هؤلاء الأئمة الذين يذكرون من أن يكونوا مأمورين بالسكوت أو مفسوحاً لهم فيه فإن يكونوا مأمورين بالسكوت فقد أبيح للناس البقاء في الضلال وسقطت الحجة في الديانة عن جميع الناس وبطل الدين ولم يلزم فرض الإسلام وهذا فكر مجرد وهم لا يقولون بهذا أو يكونوا مأمورين بالكلام والبيان فقد عصوا الله إذ سكتوا وبطلت إمامتهم
فساد تبرير الرافضة في وجود آفات في غير الأئمة تمنع عنهم الإمامة
وقد لجأ بعضهم إذ سئلوا عن صحة دعواهم في الأئمة إلى أن ادعوا الإلهام في ذلك فإذ قد صاروا إلى هذا الشغب فإن لا يضيق عن أحد من الناس ولا يعجز خصومهم عن أن يدعوا أنهم ألهموا بطلان دعواهم قال هشام بن الحكم لا بد أن يكون في أخوة الإمام آفات يبين بها أنهم لا يستحقون الإمامة .
قال أبو محمد : وهذه دعوى مردودة تزيد في الحماقة ولا ندري في زيد وعمرو وعبد الله والحسن وعلي بن علي بن الحسين آفات تمنع إلا أن الحسن أخا زيد ومحمد كان أعرج وما علمنا أن العرج عيب يمنع من الإمامة إنما هو عيب في العبيد المتخذين للمشي وما يعجز خصومهم أن يدعوا في محمد بن علي وفي جعفر بن محمد وفي سائر أئمتهم تلك الآفات التي ادعاها هشام لأخوتهم ثم أن بعض أئمتهم المذكورين مات أبوه وهو ابن ثلاث سنين فنسألهم من أي علم هذا الصغير جميع علم الشريعة وقد عدم توقيف أبيه له عليها لصغره فلم يبق إلا أن يدعوا له الوحي فهذه نبوة وكفر صريح وهم لا يبلغون إلى أن يدعوا له النبوة وأن يدعوا له معجزة تصحح قوله فهذه دعوى باطلة ما ظهر منها قط شيء أو يدعوا له الإلهام فما يعجز أحد عن هذه الدعوى .
قال أبو محمد : ولو لم يكن من الحجة على أن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ويزين لكل أمة عملها إلا وجود من يعتقد هذه الأقوال السخيفة لكان أقوى حجة وأوضح برهان وإلا فما خلق الله عقلاً يسع فيه مثل هذه الحماقات والحمد لله على عظيم منته علينا وهو المسؤول منه دوامها بمنه آمنين .
كلام ابن حزم على تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية
قال أبو محمد : وأيضاً فلو كان الأمر في الإمامة على ما يقول هؤلاء السخفاء لما كان الحسن رضي الله عنه في سعة من أن يسلمها لمعاوية رضي الله عنه فيعينه على الضلال وعلى إبطال الحق وهدم الدين فيكون شريكه في كل مظلمة ويبطل عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويوافقه على ذلك الحسين أخوه رضي الله عنهما فما نقض قط بيعة معاوية إلى أن مات فكيف استحل الحسن والحسين رضي الله عنهما إبطال عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهما طائعين غير مكرهين فلما مات معاوية قام الحسين يطلب حقه إذ رأى أنها بيعة ضلالة فلولا أنه رأى بيعة معاوية حقاً لما سلمها له ولفعل كما فعل بيزيد إذ ولي يزيد هذا مالا يمتري فيه ذو إنصاف هذا ومع الحسن أزيد من مائة ألف عنان يموتون دونه فتالله لولا أن الحسن رضي الله عنه علم أنه في سعة من إسلامها إلى معاوية وفي سعة من أن لا يسلمها لما جمع بين الأمرين فأمسكها ستة أشهر لنفسه وهي حقه وسلمها بعد ذلك لغير ضرورة وذلك له مباح بل هو الأفضل بلا شك لأن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خطب بذلك على المنبر بحضرة المسلمين وأراهم الحسن معه على المنبر وقال أن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين رويناه من طريق البخاري حدثنا صدقة أنبأنا ابن عيينة أنا موسى أنا الحسن سمع أبا بكرة يقول أنه سمع ذلك وشهده من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا من أعلامه صلى الله عليه وسلم وإنذاره بالغيوب التي لا تعلم البتة إلا بالوحي ولقد امتنع زيادة وهو فقعة القاع لا عشيرة ولا نسب ولا سابقة ولا قدم فما أطاقه معاوية إلا بالمداراة وحتى أرضاه وولاه فإن ادعوا أنه قد كان في ذلك عند الحسن عهد فقد كفروا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر أحداً بالعون على إطفاء نور الإسلام بالكفر وعلى نقض عهود الله تعالى بالباطل عن غير ضرورة ولا إكراه وهذه صفة الحسن والحسين رضي الله عنهما عند الروافض واحتج بعض الإمامية وجميع الزيدية بأن علياً كان أحق الناس بالإمامة لبينونة فضله على جميعهم ولكثرة فضائله دونهم .
سحق ابن حزم لمزاعم الرافضة في افضلية علي بن ابي طالب
قال أبو محمد : وهذا يقع الكلام فيه إن شاء الله تعالى في الكلام في المفاضلة بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الكلام هاهنا في الإمامة فقط فنقول وبالله تعالى التوفيق هبكم أنكم وجدتم لعلي رضي الله عنه فضائل معلومة كالسبق إلى الإسلام والجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسعة العلم والزهد فهل وجدتم مثل ذلك للحسن والحسين رضي الله عنهما حتى أوجبتم لهما بذلك فضلاً في شيء مما ذكرنا على سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الله بن عمر وعبد الله بن العباس هذا ما لا يقدر أحد على أن يدعي لهما فيه كلمة فما فوقها يعني مما يكونان به فوق من قد ذكرنا في شيء من هذه الفضائل فلم يبق إلا دعوى النص عليهما وهذا ما لا يعجز عن مثله أحد ولو استجازت الخوارج التوقح بالكذب في دعوى النص على عبد الله بن وهب الراسي لما كان إلا مثل الرافضة في ذلك سواء بسواء ولو استحلت الأموية أن تجاهر بالكذب في دعوى النص على معاوية لكان أمرهم في ذلك أقوى من أمر الرافضة لقوله تعالى «ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل أنه كان منصورا» ولكن كل أمة ما عدا الرافضة والنصارى فإنها تستحي وتصون أنفسها عما لا تصون النصارى والروافض أنفسهم عنه من الكذب الفاضح البارد وقلة الحياء فيما يأتون به ونعوذ بالله من الخذلان .
ذكر ابن حزم ان الرافضة لا يجدون افضلية في العلم لمن زعموهم ائمة على غيرهم
قال أبو محمد : وكذلك لا يجدون لعلي بن الحسين بسوقا في علم ولا في عمل على سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر وعروة بن الزبير ولا على أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ولا على ابن عمه الحسن بن الحسن وكذلك لا يجدون لمحمد بن علي بن الحسين بسوقا في علم ولا في عمل ولا ورع على عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ولا على محمد بن عمر وبن أبي بكر المنكدر ولا على أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ولا على أخيه زيد بن علي ولا على عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ولا على عمر بن عبد العزيز وكذلك لا يجدون لجعفر بن محمد بسوقا في علم ولا في دين ولا في عمل على محمد بن مسلم الزهري ولا على ابن أبي ذؤيب ولا على عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر ولا على عبيد الله بن عمرو بن حفص بن عاصم بن عمر ولا على ابني عمه محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن وعلى بن الحسن بن الحسن بن الحسن بل كل من ذكرنا فوقه في العلم والزهد وكلهم أرفع محلاً في الفتيا والحديث لا يمنع أحد منهم من شيء من ذلك وهذا ابن عباس رضي الله عنه قد جمع فقه في عشرين كتاباً ويبلغ حديثه نحو ذلك إذا تقصى ولا تبلغ فتيا الحسن والحسين ورقتين ويبلغ حديثهما ورقة أو ورقتين وكذلك على بن الحسين إلا أن محمد بن علي يبلغ حديثه وفتياه جزأ صغيراً وكذلك جعفر بن محمد وهم يقولون أن الإمام عنده جميع علم الشريعة فما بال من ذكرنا أظهروا بعض ذلك وهو الأقل الأنقص وكتموا سائره وهو الأكثر الأعظم فإن كان فرضهم الكتمان فقد خالفوا الحق إذ أعلنوا ما أعلنوا وإن كان فرضهم البيان فقد خالفوا الحق إذ كتموا ما كتموا وأما من بعد جعفر بن محمد فما عرفنا لهم علماً أصلاً لا من رواية ولا من فتيا على قرب عهدهم منا ولو كان عندهم من ذلك شيء لعرف كما عرف عن محمد بن علي وابنه جعفر وعن غيره منهم ممن حدث الناس عنه فبطلت دعواهم الظاهرة الكاذبة اللائحة السخيفة التي هي من خرافات السمر ومضاحك السخفاء فإن رجعوا إلى ادعاء المعجزات لهم قلنا لهم أن المعجزات لا تثبت إلا بنقل التواتر لا بنقل الأحاد الثقات فكيف بولد الوقحا الكذابين الذين لا يدري من هم وقد وجدنا من يروي لبشر الحافي وشيبان الراعي ورابعة العدوية أضعاف ما يدعونه من الكذب للأئمتهم وأظهر وأفشى وكل ذلك حماقة لا يشتغل ذو دين ولا ذو عقل بها ونحمد الله على السلامة فإذ قد بطل ما يدعونه ولله تعالى الحمد فلنقل على الإمامة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبرهان وبالله تعالى نتأيد .
إثبات ابن حزم لخلافة ابي بكر الصديق
قال أبو محمد : قد اختلف الناس في هذا فقالت طائفة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحداً ثم اختلفوا فقال بعضهم لكن لما استخلف أبا بكر رضي الله عنه على الصلاة كان ذلك دليلاً على أنه أولاهم بالإمامة والخلافة على الأمور وقال بعضهم لا ولكن كان ابينهم فضلاً فقدموه لذلك وقالت طائفة بل نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على استخلاف أبي بكر بعده على أمور الناس نصاً جلياً .
قال أبو محمد : وبهذا نقول لبراهين أحدها أطباق الناس كلهم وهم الذين قال الله تعالى فيهم » للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون « فقد أصفق هؤلاء الذين شهد الله لهم بالصدق وجميع إخوانهم من الأنصار رضي الله عنهم على أن سموه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى الخليفة في اللغة هو الذي يستخلفه لا الذي يخلفه دون أن يستخلفه هو لا يجوز غير هذه البتة في اللغة بلا خلاف تقول استخلف فلا فلاناً يستخلفه فهو خليفته ومستخلفه فإن قام مكانه دون أن يستخلفه هو لم يقل إلا خلف فلان فلاناً يخلفه فهو خالف ومحال أن يعنوا بذلك الاستخلاف على الصلاة لوجهين ضروريين أحدهما أنه لا يستحق أبو بكر هذا الاسم على الإطلاق في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حينئذ خليفته على الصلاة فصح يقيناً أن خلافته المسمى هو بها هي غير خلافته على الصلاة والثاني أن كل من استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته كعلي في غزوة تبوك وابن أم مكتوم في غزوة الخندق وعثمان ابن عفان في غزوة ذات الرقاع وسائر من استخلفه على البلاد باليمن والبحرين والطائف وغيرها لم يستحق أحد منهم قط بلا خلاف من أحد من الأمة أن يسمى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإطلاق فصح يقيناً بالضرورة التي لا محيد عنها أنها للخلافة بعده على أمته ومن الممتنع أن يجمعوا على ذلك وهو عليه السلام لم يستخلفه نصاً ولو لم يكن هاهنا إلا استخلافه إياه على الصلاة ما كان أبو بكر أولى بهذه التسمية من غيره ممن ذكرنا وهذا برهان ضروري نعارض به جميع الخصوم وأيضاً فإن الرواية قد صحت بأن امرأة قالت يا رسول الله أرأيت أن رجعت ولم أجدك كأنها تريد الموت قال فأت أبا بكر وهذا نص جلي على استخلاف أبي بكر وأيضاً فإن الخبر قد جاء من الطرق الثابتة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها في مرضه الذي توفي فيه عليه السلام لقد هممت أن أبعث إلى أبيك وأخيك فاكتب كتاباً وأعهد عهداً لكيلا يقول قائل أنا أحق أو يتمنى متمن ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر وروي أيضاً ويأبي الله والنبيون إلا أبا بكر فهذا نص جلي على استخلافه عليه الصلاة والسلام أبا بكر على ولاية الأمة بعده .
قال أبو محمد : ولو أننا نستجيز التدليس والأمر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحاً أو ابلسوا أسفاً لاحتججنا بما روى اقتدوا باللذين من بعيد أبي بكر وعمر .
قال أبو محمد : ولكنه لم يصح ويعيذنا من الاحتجاج بما لا يصح .
قال أبو محمد : واحتج من قال لم يستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر المأثور عن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه قال أن استخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر وأن لم استخلف فلم يستخلف من هو خير مني يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما روى عن عائشة رضي الله عنها من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفاً لو استخلف فمن المحال أن يعارض الإجماع من الصحابة الذي ذكرنا والأثران الصحيحان المسندان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من لفظه بمثل هذين الأثرين الموقوفين على عمر وعائشة رضي الله عنهما مما لا يقوم به حجة مما له وجه ظاهر من أن هذا الأثر خفي على عمر رضي الله عنه كما خفي عليه كثير من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كالاستئذان وغيره أو أنه أراد استخلافاً بعهد مكتوب ونحن نقر أن استخلاف أبي بكر لم يكن بكتاب مكتوب وأما الخبر في ذلك عن عائشة فكذلك نصاً وقد يخرج كلامها على سؤال سائل وإنما الحجة في روايتها لا في قولها وأما من ادعى أنه إنما قدم قياساً على تقديمه إلى الصلاة فباطل بيقين لأنه ليس كل من استحق الإمامة في الصلاة يستحق الإمامة في الخلافة إذ يستحق الإمامة في الصلاة اقرأ القوم وإن كان أعجمياً أو عربياً ولا يستحق الخلاف إلا قرشي فكيف والقياس كله باطل .
قال أبو محمد : في نص القرآن دليل على صحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وعلى وجوب الطاعة لهم وهو أن الله تعالى قال مخاطباً لنبيه صلى الله عليه وسلم في الأعراب «فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدواً» وكان نزول سورة براءة التي فيها هذا الحكم بعد غزوة تبوك بلا شك التي تخلف فيها الثلاثة المعذورون الذين تاب الله عليهم في سورة براءة ولم يغز عليه السلام بعد غزوة تبوك إلى أن مات صلى الله عليه وسلم وقال تعالى أيضاً «سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل» فبين أن العرب لا يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وغلق باب التوبة فقال تعالى «قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً» فأخبر تعالى أنهم سيدعوهم غير النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوم يقاتلونهم أو يسلمون ووعدهم على طاعة من دعاهم إلى ذلك بجزيل الأجر العظيم وتوعدهم على عصيان الداعي لهم إلى ذلك العذاب الأليم .
قال أبو محمد : وما دعا أولئك الأعراب أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قوم يقاتلونهم أو يسلمون إلا أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فإن أبا بكر رضي الله عنه دعاهم إلى قتال مرتدي العرب بني حنيفة وأصحاب الأسود وسجاح وطليحة والروم والفرس وغيرهم ودعاهم عمر إلى قتال الروم والفرس وعثمان دعاهم إلى قتال الروم والفرس والترك فوجب طاعة أبي بكر وعثمان رضي الله عنهم بنص القرآن الذي لا يحتمل تأويلاً وإذ قد وجبت طاعتهم فرضاً فقد صحت إمامتهم وخلافتهم رضي الله عنهم وليس هذا بموجب تقليدهم في غير ما أمر الله تعالى بطاعتهم فيه لأن الله تعالى لم يأمر بذلك إلا في دعائهم إلى قتال هؤلاء القوم وفيما يجب الطاعة فيه للأئمة جملة وبالله تعالى التوفيق .

انتهى النقل من مما سطره ابن حزم رضي الله عنه