الاثنين، 18 أغسطس 2014

ضلال الرافضة في ام المؤمنين عائشة

ضلال الرافضة في ام المؤمنين عائشة
تظاهر الرافضة بالتقوى مثير للضحك ،، فالرافضة حين يرون اية تؤيّد شيئا يريدونه مثل قوله سبحانه وتعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) لأجل ان يطعنوا في عائشة فإن تمسّح الرافضة وتظاهرهم بالتقوى هنا سامج مثير للسخرية
منذ متى والرافضة يؤمنون بالقرآن او يُقيمون آياته ،، ومن اين للروافض مثل تلك التقوى التي يتظاهرون بها وهم يكفرون بآيات الله ويؤمنون ان القرآن محرّف وقد نبذوه وراء ظهورهم
تقوى الرافضة المصطنعة تفضحهم ،، فأين تقواهم من اتباع السابقين من المهاجرين والأنصار إن كانوا صادقين ،، بل اين تقواهم وهم يتركون آيات القرآن ويتركون الصحيح من السنة ليتّبعوا الضعيف والمكذوب
أمر الله بإتباع السابقين من المهاجرين والأنصار فكفر الرافضة بذلك وتمسكوا بحديث اتباع العترة وهو ضعيف لا يصح وفوق انه ضعيف لا يصح فإنه يتعارض مع صريح القرآن ،، فالقرآن امرنا ان نتٌبع السابقين من المهاجرين والأنصار بآية صريحة محكمة فهل نتّبع السابقين كما امرنا الله ام نتّبع العترة ،، لو كان الرافضة يعقلون لكفروا بدينهم ولكنهم قوم لا يعقلون
واما في شأن ام المؤمنين عائشة بنت الصديق فقد اثبت الله للنبي أزواجه فالنبي لا يحل له النساء من بعد ولا ان يتبدل بهن من أزواج ،، فهو زواج ثابت محكم بنص القرآن ،، قال سبحانه وتعالى مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ)
ثم ان الله جعل أزواج النبي أمهات للمؤمنين وآتاهن آجرهن مرتين
ثم بعد ذلك يكفر الرافضة بذلك كله بناء على فرضية الإمامة التي لم تثبت ولا يمكن لها ان تثبت لتعارضها مع صريح القرآن ،، فلماذا يكفر الرافضة بذلك ثم نراهم يتظاهرون بالتقوى عند قوله سبحانه وتعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)
فماذا لدى الرافضة حتى يطعنوا في عائشة وقد جعل الله النبي لا يحل له ان يتبدل بعائشة وغيرها من امهات المؤمنين غيرهن
فماذا لدى الرافضة يطعنون في عائشة وقد جعلها الله اما للمؤمنين ،، حقيقة كون عائشة ام للمؤمنين ثابتة بنص القرآن في حين ان فرضية الإمامة باطلة لمخالفتها لصريح القرآن الكريم
فلو كان الرافضة مؤمنين لكان عار عليهم ان يطعنوا في ام المؤمنين ولكن الروافض ليسوا مؤمنين ولا هم أيضاً مسلمين
كفر الرافضة بآيات القرآن الصريحة وطعنوا في عائشة لانها سعت مع المؤمنين للقصاص من قتلة عثمان بغيا من عند انفسهم وقد هداهم شيطانهم إلى تحريف سعي عائشة مع المسلمين للقصاص من قتلة عثمان ليجعلوه خروجا لمحاربة علي بن ابي طالب وما خرجت لتحاربه ولكنها خرجت مع المؤمنين لإقامة شرع الله في الذين افسدوا في الأرض وقتلوا خليفة المسلمين
كفروا بذلك كله لأجل فرضية إمامة لم تثبت ولا يستطيعون إثباتها ،، وآنى لهم ان يُثبتوها والقرآن موجود
الرافضة يُصادمون القرآن ويُخالفون صريحه ثم يدّعون بعد ذلك انهم مسلمين

من غباء الرافضة ان اظهروا دينهم من سردابهم وهم يجهلون ان دين متهالك كدينهم لا يمكن له ان يصمد امام سياط النقد التي لا ترحم

الأربعاء، 6 أغسطس 2014

معاوية بن ابي سفيان

معاوية بن ابي سفيان
معاوية بن ابي سفيان وفقه الله لقيادة مرحلة من اهم مراحل المسلمين خطورة ،، وكأني بأن الله صنعه ليتولى تلك المرحلة الخطرة بما حباه الله من سؤدد وحلم ودهاء ،، مرحلة تمزّقت فيها الأمة وتمزّعت فيها اللحمة وسادت الأهواء وتنافرت وعصفت بالأمة الفتن فوقى الله شرها بمعاوية
ونحن اليوم نجد انه من سيتشرّب الأهواء فإنه سينحرف عن الصواب ،، ومن ينظر للحقائق وما تحقق من نتائج ،، متجردا ،، فيمكن له ان يهتدي إلى الحق ،، يطعن البعض في معاوية لأنهم يرونه حارب علي بن ابي طالب على الخلافة ،، وهذا باطل ،، فلم يحارب معاوية عليا على الخلافة ،، وهؤلاء اصحاب الأهواء لا ينظرون إلى ان معاوية لم يكن له سوى مطلب واحد مشروع وهو القصاص من قتلة عثمان الذين كانوا في جيش علي ،، فمطلبه مشروع وسعيه لا غبار عليه والقتلة في جيش علي بن ابي طالب
ويكفي لكي نعرف عظم تلك الفتنة ان الصحابة المبشرين بالجنة وغيرهم من افاضل الصحابة كانوا في كلا الفئتين ،، فعلي بن ابي طالب في فئة وطلحة والزبير وعائشة في فئة اخرى ،، وفئة من خيار الصحابة اعتزلت ،، لماذا اعتزلت ،، لأنه لو تبيّن لها اين هو الحق لما وسعها شرعا الإعتزال لأن الله امر بقوله سبحانه تعالى (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) ،، فيتّضح لنا حجم الفتنة وصعوبة تحديد الحق اين هو ليتّبعه الناس آنذاك
فمن حكم ان علي بن ابي طالب وحده على الحق وغيره على الباطل فقد اخطأ ،، فعلي بن ابي طالب على الحق وطلحة والزبير عائشة ومعاوية على الحق ايضا ولكن علي بن ابي طالب اقرب إلى الحق من معاوية كما سنرى بإذن الله
معاوية ،، يبدأ الطاعنون به وهدفهم ابعد من معاوية ،، ومن يتّبع الحقائق ولا تحرفه العواطف عن الحق فإنه لا يملك إلا ان يقدر معاوية ويعرف فضله ومكانته ،، وهنا هدفنا إظهار مكانة معاوية رضي الله عنه
معاوية وفترات حياته
لمعاوية عدة فترات من حياته ،، وهذه الفترات من المهم النظر فيها كل فترة على حده حتى يمكن بعد ذلك الوصول إلى خلاصة حول تكوين الحكم عليه ،، والفترات هي :
·        ما قبل فتح مكة
·        ما بعد فتح مكة وخلال حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفترة الخلفاء الراشدين ابي بكر وعمر وعثمان
·        خلال فترة الخليفة الراشد علي بن ابي طالب وفترة الحسن بن علي
·        ما بعد تنازل الحسن بن علي وحتى وفاة معاوية
هذه هي الفترات التي سنفصّل فيها ليستبين الحق بإذن الله
الفترة الأولى : وهي فترة معاوية قبل فتح مكة
قد يطعن البعض في معاوية في فترة ما قبل فتح مكة ،، والطعن في ذلك ليس له وجه لسببين هما :
الأول : ان معاوية كان صغير السن وقت هجرة النبي إذ كان عمره ما يقارب السبعة عشر عام وبلغ من العمر حوالي ثلاث وعشرين سنة وقت فتح مكة
الثاني : ان الإسلام دخل قلب معاوية قبل فتح مكة إذ ان الإسلام دخل قلبه في عمرة القضية
جاء في سير اعلام النبلاء فيما رواه عن ابن سعد بسنده قال قال مُعَاوِيَةُ: لَمَّا كَانَ عَامُ الحُدَيْبِيَةِ، وَصَدُّوا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ البَيْتِ، وَكَتَبُوا بَيْنَهُم القَضِيَّةَ، وَقَعَ الإِسلاَمُ فِي قَلْبِي، فَذَكَرْتُ لأُمِّي، فَقَالَتْ: إِيَّاكَ أَنْ تُخَالِفَ أَبَاكَ.
فَأَخْفَيْتُ إِسْلاَمِي، فَوَاللهِ لَقَدْ رَحَلَ رَسُوْلُ اللهِ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ وَإِنِّي مُصَدِّقٌ بِهِ، وَدَخَلَ مَكَّةَ عَامَ عُمْرَةَ القَضِيَّةِ وَأَنَا مُسْلِمٌ.
وَعَلِمَ أَبُو سُفْيَانَ بِإِسْلاَمِي، فَقَالَ لِي يَوْماً: لَكِنَّ أَخُوْكَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَهُوَ عَلَى دِيْنِي.
فَقُلْتُ: لَمْ آلُ نَفْسِي خَيْراً، وَأَظْهَرْتُ إِسْلاَمِي يَوْمَ الفَتْحِ، فَرَحَّبَ بِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَتَبْتُ لَهُ
وعلى أي حال فلن نقف عند ذلك كثيرا لأن هناك حقائق قادمة بإذن الله تجعلنا لا نقف عند هذا الأمر
الفترة الثانية : بعد فتح مكة وخلال فترة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ابي بكر وعمر وعثمان
لم يكن لمعاوية ذلك الصيت وقت النبي لصغر سنة من جهة وربما لبقاء معاوية في مكة بعد الفتح فترة من الزمن وكذلك لوجود صحابة افاضل حول النبي جعل الله قيام الدين على ايديهم مثل ابي بكر الصديق والذي كان اخص الناس بالنبي إذ لم يكن النبي ثاني إثنين إلا وكان الثاني ابو بكر ثم عمر بن الخطاب والذي كان يمثل مع ابي بكر اخص رجلين بالنبي في حياته وبعد مماته
حدّث معاوية عن النبي وكتب للنبي مرات يسيرة
جاء عند احمد والترمذي ان رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ لِمُعَاوِيَةَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً، مَهْدِيّاً، وَاهْدِ بِهِ
ورد عن النبي احاديث قد يصح بعضها مثل ما ورد عن النبي ان النبي قال عن معاوية (اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الكِتَابَ، وَالحِسَابَ، وَقِهِ العَذَابَ) ومثل ما ورد ان النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْدَفَ مُعَاوِيَةَ خَلْفَهُ، فَقَالَ: (مَا يَلِيْنِي مِنْكَ؟) . قَالَ: بَطْنِي يَا رَسُوْلَ اللهِ. قَالَ: (اللَّهُمَّ امْلأْهُ عِلْماً . زَادَ فِيْهِ أَبُو مُسْهِرٍ: (وَحِلْماً) .
ومثل ما ورد اَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسِيْرُ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَذَكَرُوا الشَّامَ، فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ نَسْتَطِيْعُ الشَّامَ وَفِيْهِ الرُّوْمُ؟ قَالَ: وَمُعَاوِيَةُ فِي القَوْمِ - وَبِيَدِهِ عَصاً - فَضَرَبَ بِهَا كَتِفَ مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ: (يَكْفِيْكُمُ اللهُ بِهَذَا)
فترة الخلفاء الراشدين ابي بكر وعمر وعثمان
نجد ان معاوية بدأ يظهر بشكل اكبر في فترة الخلفاء الراشدين الثلاثة ابي بكر وعمر وعثمان إذ ولاه عمر بن الخطاب بعض الشام ثم جمع له الشام كلها عثمان بن عفان
وقد ظهر من نبوغ معاوية ودهاءه في فترة عمر بن الخطاب والذي كان شديدا في إختيار الرجال ومحاسبتهم في اموالهم وفي افعالهم
وقيل انه لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ، تَلَقَّاهُ مُعَاوِيَةُ فِي مَوْكِبٍ عَظِيْمٍ، وَهَيْئَةٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ، قَالَ: أَنْتَ صَاحِبُ المَوْكِبِ العَظِيْمِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَعَ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ مِنْ طُوْلِ وُقُوْفِ ذَوِي الحَاجَاتِ بِبَابِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَلِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَحْنُ بِأَرْضٍ جَوَاسِيْسُ العَدُوِّ بِهَا كَثِيْرٌ، فَيَجِبُ أَنْ نُظْهِرَ مِنْ عِزِّ السُّلْطَانِ مَا يُرْهِبُهُم، فَإِنْ نَهَيْتَنِي، انْتَهَيْتُ. قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ! مَا أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ تَرَكْتَنِي فِي مِثْلِ رَوَاجِبِ الضَّرِسِ، لَئِنْ كَانَ مَا قُلْتَ حَقّاً، إِنَّهُ لَرَأْيُ أَرِيْبٍ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلاً، فَإِنَّهُ لَخُدْعَةُ أَدِيْبٍ. قَالَ: فَمُرْنِي. قَالَ: لاَ آمُرُكَ، وَلاَ أَنْهَاكَ. فَقِيْلَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مَا أَحْسَنَ مَا صَدَرَ عَمَّا أَوْرَدْتَهُ. قَالَ: لِحُسْنِ مَصَادِرِهِ وَمَوَارِدِهِ جَشَّمْنَاهُ مَا جَشَّمْنَاهُ
وورد ان المَدَائِنِيُّ قَالَ: كَانَ عُمَرُ إِذَا نَظَرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، قَالَ: هَذَا كِسْرَى العَرَبِ . كما ورد عن ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنِ المَقْبُرِيِّ؛ قَالَ عُمَرُ: تَعْجَبُوْنَ مِنْ دَهَاءِ هِرَقْلَ وَكِسْرَى، وَتَدَعُوْنَ مُعَاوِيَةَ؟
وجاء عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَشْبَهَ صَلاَةً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَمِيْرِكُم هَذَا -يَعْنِي: مُعَاوِيَةَ
ابن عباس يتأول تأمر معاوية من أية في القرآن
فقد ورد عَنْ زَهْدَمٍ الجَرْمِيِّ، قَالَ: كُنَّا فِي سَمَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ مَا كَانَ -يَعْنِي: عُثْمَانَ - قُلْتُ لِعَلِيٍّ: اعْتَزِلِ النَّاسَ، فَلَو كُنْتَ فِي جُحْرٍ ، لَطُلِبْتَ حَتَّى تُسْتَخْرَجَ. فَعَصَانِي، وَايْمُ اللهِ لَيَتَأَمَّرَنَّ عَلَيْكُم مُعَاوِيَةُ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ يَقُوْلُ: (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوْماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً، فَلاَ يَسْرِفْ فِي القَتْلِ، إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوْراً)
الفترة الثالثة : خلال فترة الخليفة الراشد علي بن ابي طالب وفترة الحسن بن علي
في تلك الفترة وهي اشد الفترات التي عصفت بأمة الإسلام والتروي فيها خير ومن ينظر بموضوعية سيرى حقائق لا يسع المرء المُنصف الخروج منها إلا بالترضي عن علي ومعاوية رضي الله عنهما
ويجب ان نعلم ان من زعم ان احدا من الصحابة لا معاوية ولا غيره خرجوا على علي بن ابي طالب فإنه يكون كاذب إذ لا يصح منه شيء ،، والحقائق التالية ستثبت إن شاء الله ذلك ،، فالذين خرجوا مثل طلحة والزبير وعائشة ومعاوية وغيرهم إنما خرجوا يُطالبون بدم عثمان ولم يخرجوا على علي كما يزعم اهل الكذب من الشيعة والرافضة ،، فالشيعة والرافضة قد استعمت اعينهم وإنسدت آذانهم فلا يعرفون الحق ولا يريدونه وإنما قد إنطبعت اوهامهم الباطلة في ادمغتهم وتيبّست عليها فلا يؤمنون إلا ان طلحة والزبير وعائشة ومعاوية خرجوا لقتال علي بن ابي طالب
فلا هؤلاء الصحابة الكرام خرجوا لقتال علي بن ابي طالب ولا هم بالذين إنحرفوا او اخطأوا في مسعاهم إذ ان مسعاهم حميد ومشروع وهو مطلب لكل مسلم وليس لهم وحدهم ،، فلا شك ان كل مسلم يريد القصاص من قتلة امير المؤمنين ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه
وقبل ان نخوض في هذا الأمر نود ان نعرف الحكم الفقهي في مسألة مهمة ولها علاقة بالموضوع ،، فنحن نعرف انه حين يُقتل رجل من المسلمين في دولة الإسلام فإن المرجع في ذلك لطلب القصاص هو خليفة المسلمين او من يكون مكانه – كحاكم المنطقة مثلا – ولكن ما الحكم حين يكون المقتول هو خليفة المسلمين ذاته ويكون القتلة في جيش من اختاره المسلمين او بعض المسلمين خليفة للخليفة المقتول ،، ما الحكم في ذلك في الكتاب والسنة
فإن كان هناك حكم في الكتاب او السنة في ذلك فلنحاسب من خالفه ولكن وبما انه ليس هناك حكم في الكتاب والسنة حول ذلك فلا غرابة ان يختلف الناس في إجتهاداتهم
ومسألة الحكم الفقهي في هذه المسألة مهمة إذ كيف يتم معرفة الحكم في مسألة ليست في القرآن ولا في السنة والناس في شر ادلهم عليهم ،، فما الحكم حتى نُحاسب من خالفه ،،
ولولا حديث للنبي لرأيت ان الحق مع الذين سعوا في القصاص من قتلة عثمان ،، وهم على الحق لا شك في ذلك إذ ان القتلة لم يٌقتص منهم وهم في جيش علي بن ابي طالب فلا شك عندي ان الحق مع من يُطالب بالقصاص من قتلة عثمان لمشروعية ذلك ،، ولكن حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يتحدث عن خروج الخوارج وانه تقتلهم ادنى الطائفتين للحق فإن هذا يُثبت ان عليا اقرب للحق من غيره وان الحديث نفسه يُثبت ان غيره ايضا محق في مسعاه
ففي الحديث الذي رواه مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ قَوْمًا يَكُونُونَ فِي أُمَّتِهِ، يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ، سِيمَاهُمْ التَّحَالُقُ قَالَ: «هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ - أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ - يَقْتُلُهُمْ أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ»
فنجد ان الحديث ذكر انه تقتل الخوارج ادنى الطائفتين إلى الحق ،، فمن هذا الحديث ثبت ان طائفة علي بن ابي طالب ادنى – أي اقرب - من طائفة معاوية إلى الحق ،، فيثبت ان كلا الطائفتين على الحق
وهذا نص صريح وكافٍ في ذلك ولكن إضافة إليه فإن هناك شواهد تشهد له منها ان بعض العشرة المبشرين بالجنة كانوا يسعون للقصاص من قتلة عثمان وكذلك عائشة
وفوق هذا فإن مطلب القصاص من قتلة عثمان مطلب مشروع ولا يوجد مسلم يقول بخلافه
ويدور سؤال ،، هل كان علي بن ابي طالب لا يريد القصاص من قتلة عثمان ؟
من الطبيعي ان ذلك غير ممكن فحاشا عليا ان يكون لا يريد القصاص من قتلة عثمان وإنما كان في وضع لا يمكنه ان يُقيم شرع الله فيهم وكان رضي الله عنه يريد ان تستتب الأمور ويُحكم السلطة ليقوم بعد ذلك بالقصاص من قتلة عثمان
فنعود لمسألة الحكم الشرعي ،، فإختلاف الصحابة أنذاك لا غبار عليه ومن قال بخلاف ذلك فليُخرج لنا حكم شرعي من القرآن او السنة يبيّن ما يجب ان يكون حين يكون المقتول هو خليفة المسلمين والقتلة في جيش من اختاره بعض المسلمين خليفة للخليفة المقتول
واستغرب امر فأقول ،، ما الذي كان يمنع عليا ان ينحاز هو وكثير من اتباعه إلى طلحة والزبير وعائشة ومعاوية ،، او على الأقل ان ينحاز عليا مع من ينحاز معه من جيشه عن قتلة عثمان فيتوحد معاوية وطلحة والزبير وعائشة مع علي بن ابي طالب ليكونوا جميعا ضد قتلة عثمان ،، هذا امر يدور في نفسي كلما طرأ هذا الموضوع
أين هو مدار الخلاف بين علي بن ابي طالب وبين من خالفه
ذلك سؤال مهم ،، فمدار الخلاف ليس على خلافة علي ولا على القصاص من القتلة او عدم القصاص منهم وإنما مدار الخلاف هو هل يكون القصاص قبل المبايعة او بعد المبايعة والتمكين
يحكم بعض الناس اليوم من منطلق ما وقر في اذهانهم من ان عليا رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين تجب طاعته ،، ولكن آنذاك وفي تلك الفترة لم يكن ذلك مستقرا عند الناس او عند كثير منهم ،، فيجب على من في نفسه شيء او يريد ان يتوصل إلى الحقيقة ان يضع في إعتباره ما كان سائدا آنذاك بين الصحابة والناس
ومن وجهة نظري ان الله نصر الدين وجعل الحوادث لتكون سببا في إظهار الأمور الفقهية اللازمة للأمة بعد جيل الصحابة رضوان الله عليهم ،، فجعل الله ابا بكر مثلا يبيّن ما يجب تجاه المرتدين ومانعي الزكاة ويبيّن جواز ان يستخلف الخليفة رجل على المسلمين ،، وجعل عمر بن الخطاب يبيّن كثيرا من المسائل الفقهية مثل فتح بيت المقدس والشروط العمرية ومحاسبة العمال وجعل الخلافة شورى في نفر يختارون احدهم ،، وجعل عثمان يبيّن حكم من خرج عليه بعض الفسّاق يريدون خلعه وما يجب او يجوز تجاههم ،، وجعل علي بن ابي طالب يبيّن حكم تنازع المسلمين فيما بينهم والمسائل الشرعية في ذلك
فهي اقدار ساقها الله ليتبيّن للناس امر دينهم
ولعل الله جعل علي بن ابي طالب وبعض اهل بيته فتنة لمن اشربوا في قلوبهم الغلو وعبادة البشر وإتباع شياطين الأنس المعمّمين
ومن الملاحظ سعي اهل الأهواء والضلال للغلو في علي بن ابي طالب غلوا لا يصح وفي المقابل نرى هؤلاء اصحاب الأهواء والضلال يحطون من قدر من حصل بينه وبين علي بن ابي طالب خلاف ،، وهذا من الزيغ والضلال فلا نرفع علي بن ابي طالب فوق مكانته ولا نحط من قدر من اختلف معه بل يجب علينا ان نعرف لكل ذي حق حقه
ويجب في من وقع في قلبه حب علي بن ابي طالب وغلى في حبه وفضّله على الذين هم افضل منه ان يُراجع نفسه في ذلك وان يعلم ان اهل الأهواء كذبوا في احداث تلك الفترة من الأكاذيب ما لا يعلمه إلا الله وان يتثبّت وينظر بموضوعيه في علي بن ابي طالب وفي الصحابة الآخرين ،، ومن يطع الله ورسوله فإن الله هدانا امام تلك الأحداث إلى امرين لا يجوز لنا مخالفتهما فقد بيّن الله لنا ما يلي :
·        أمرنا الله ان نتثبّت فيما يصلنا كما في قوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) ،، فمالنا نقبل ما يثير عواطفنا ولا نتبيّن كما امرنا الله ،، ومن الغريب ان يأتي من يأخذ اقوال اقوام تُثير عواطفه فيظنها حقا ويظن انه قد تثبّت وهو لم يتثبّت فيؤمن بها هكذا ،، يظن انه تثبّت لأنها فقط وافقت عواطفه واشجانه ولو عرضها على الحقائق وتجرّد من عواطفه لتبيّن له الحق فيها
أمثال هؤلاء جعلوا ما إستحسنوه كأنه حق فجعلوا يقيسون عليه فما وافق ما إستحسنته نفوسهم ظنوا انه حق وقبلوه وما خالف ما إستحسنته نفوسهم ظنوا انه باطل ورفضوه
·        امرنا الله ان نسكت عن الذين سبقونا فأمرهم إلى الله وحسابهم عليه كما قال سبحانه وتعالى (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ،، فما بالنا ننشغل عمّا امرنا الله به إلى ما نهانا الله عنه
فلا نشك ان افضل هذه الأمة بعد النبي إنما هما ابو بكر وعمر ثم عثمان ذو النورين ،، ومن يطّلع على سيرة ابي بكر وعمر يتملّكه العجب ،، فأبو بكر إستلم الخلافة بعد وفاة النبي وقد إرتدت معظم العرب فحقق الله على يديه إنتصارات خيالية إذ ان ابابكر وخلال سنتين واشهر وفّقه الله للقضاء على المرتدين حتى عادت جزيرة العرب إلى الإسلام وسعى في غزو فارس والروم فلم يمهله الموت فأكمل من بعده عمر
ومن يطّلع على اول مئة يوم في حياة ابو بكر الصدّيق رضي الله عنه يرى العجب العجاب من قوة هذا الرجل وشجاعته الخارقة وتوفيق الله له
ومن يطّلع على سيرة عمر بن الخطاب يرى العجب العجاب ،، كيف ولم يرى النبي عبقريا يفري فريه ،، واكتفي بما قاله خالد بن الوليد وحذيفة بن اليمان في شأن أمير المؤمنين عمر والفتن ،، فخالد بن الوليد حين قال رجل ان الفتن ظهرت قال خالد واما وابن الخطاب حي فلا ،، فما للفتن لا تظهر وأمير المؤمنين عمر حي ،، واما حذيفة بن اليمان فقد ثبت انه قال بينا نحن جلوس عند عمر إذ قال أيكم يحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة قال فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال ليس عن هذا أسألك ولكن التي تموج كموج البحر قال ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها بابا مغلقا قال عمر أيكسر الباب أم يفتح قال بل يكسر قال عمر إذا لا يغلق أبدا قلت أجل قلنا لحذيفة أكان عمر يعلم الباب قال نعم كما يعلم أن دون غد ليلة وذلك أني حدثته حديثا ليس بالأغاليط فهبنا أن نسأله من الباب فأمرنا مسروقا فسأله فقال من الباب قال عمر
ولو شئنا ان نزيد في شأن هذين العظيمين ابي بكر وعمر لكان امرا ميسرا ولكن نكتفي لأن الموضوع هو في شأن معاوية بن ابي سفيان وسلامة موقفه الذي يطعن به البعض وهو برئ من ذلك
الفترة الرابعة : ما بعد تنازل الحسن بن علي وحتى وفاة معاوية
وفي تلك الفترة تظهر صفات معاوية وقدراته السيادية التي حباه الله بها ،، فمعاوية قد حباه الله بصفات نادرة وكأني به قد خلقه الله ملكا او زعيما عظيما ،، والحقائق هي من يقول بذلك ،، فقد حباه الله بصفات تفرّد بها وفاق بها اقرانه كالسؤدد والحلم والدهاء
سؤدد معاوية :
وَعَنْ أَبَانَ بنِ عُثْمَانَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ وَهُوَ غُلاَمٌ يَمْشِي مَعَ أُمِّهِ هِنْدٍ، فَعَثَرَ، فَقَالَتْ: قُمْ، لاَ رَفَعَكَ اللهُ. وَأَعْرَابِيٌّ يَنْظُرُ، فَقَالَ: لِمَ تَقُوْلِيْنَ لَهُ؟ فَوَاللهِ إِنِّيْ لأَظُنُّهُ سَيَسُوْدُ قَوْمَهُ. قَالَتْ: لاَ رَفَعَهُ إِنْ لَمْ يَسُدْ إِلاَّ قَوْمَهُ
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ. قُلْتُ: وَلاَ عُمَرُ؟ قَالَ: كَانَ عُمَرُ خَيْراً مِنْهُ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ أَسْوَدَ مِنْهُ
وَرَوَى: ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ، وَلَفْظُهُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ. فَقُلْتُ: كَانَ أَسْوَدَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ خَيْراً مِنْهُ، وَهُوَ كَانَ أَسْوَدَ. قُلْتُ: كَانَ أَسْوَدَ مِنْ عُمَرَ؟ ... ، الحَدِيْثَ
حلم معاوية :
جاء عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَبِيْصَةَ بنِ جَابِرٍ؛ قَالَ: صَحبْتُ مُعَاوِيَةَ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَثْقَلَ حِلْماً، وَلاَ أَبْطَأَ جَهْلاً، وَلاَ أَبْعَدَ أَنَاةً مِنْهُ
وَيُرْوَى عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: إِنِّيْ لأَرْفَعُ نَفْسِي أَنْ يَكُوْنَ ذَنْبٌ أَوْزَنَ مِنْ حِلْمِي .
وعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَغْلَظَ رَجُلٌ لِمُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: أَنْهَاكَ عَنِ السُّلْطَانِ، فَإِنَّ غَضَبَهُ غَضَبُ الصَّبِيِّ، وَأَخْذَهُ أَخْذَ الأَسَدِ
عَنْ زِيَادِ بنِ أَبِيْهِ، قَالَ: مَا غَلَبَنِي مُعَاوِيَةُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ بَاباً وَاحِداً؛ اسْتَعْمَلْتُ فُلاَناً، فَكَسَرَ الخَرَاجَ، فَخَشِيَ أَنْ أُعَاقِبَهُ، فَفَرَّ مِنِّي إِلَى مُعَاوِيَةَ. فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ: إِنَّ هَذَا أَدَبُ سُوْءٍ لِمَنْ قِبَلِي. فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ نَسُوْسَ النَّاسَ سِيَاسَةً وَاحِدَةً؛ أَنْ نَلِيْنَ جَمِيْعاً فَيَمْرَحُ النَّاسُ فِي المَعْصِيَةِ، وَلاَ نَشْتَدَّ جَمِيْعاً، فَنَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى المَهَالِكِ، وَلَكِنْ تَكُوْنُ لِلشِدَّةِ وَالفَظَاظَةِ، وَأَكُوْنُ أَنَا لِلِّيْنِ وَالأُلْفَةِ
دهاء معاوية :
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ عُمَرُ إِذَا نَظَرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، قَالَ: هَذَا كِسْرَى العَرَبِ .
وعن ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنِ المَقْبُرِيِّ؛ قَالَ عُمَرُ: تَعْجَبُوْنَ مِنْ دَهَاءِ هِرَقْلَ وَكِسْرَى، وَتَدَعُوْنَ مُعَاوِيَةَ؟
هل خُلق معاوية ملكا
فيتّضح ان معاوية كان يتصف بصفات تؤهله للملك وتجعله افضل من يتولى الخلافة ويقود الأمة وذلك لما ظهر من تنازع قسم الأمة إلى قسمين متنافرين ولأن وازع الدين قد ضعف عند الناس فكان لابد للناس من خليفة يتمتّع بصفات تؤهله للحكم ولجمع الأمة وتوحيدها بعد تمزقها
الصفات التي حباها الله لمعاوية من سؤدد ودهاء وحلم جعلها الله سببا في توحيد الأمة بعد تمزّقها ،، فليس كل رجل يملك ان يحكم امة خرجت من نزاع كاد ان يقضي عليها ثم يعيد بتوفيق الله لها توحدها ولحمتها
لا شك ان تلك الصفات يتحتم توفرها في من يلي امة خرجت بعد تمزّق اليم لا نزال نعايش ما حصل إلى اليوم حيث لا يزال كثير من الناس ركبوا دين التشيع او الترفض ووقعوا في الغلو في علي بن ابي طالب ،، وقد رأينا حال الأمة بعد ان تولى امرها معاوية ،، ولا ندري ما يكون حال الأمة لو تولى من لا يملك صفات مثل الصفات التي وهبها الله لمعاوية ،، وكأني بأن الله إدخر معاوية لقيادة الأمة بعد تلك الفترة التي عصفت بالأمة حماية لها من تمزّق يفتتها إلى دويلات كما نعيش يومنا هذا
وإننا لنرى معاوية قد وفقه الله حين استلم خلافة الأمة لقيادتها لتصل إلى بر الأمان وكان يمكن ان تصلح الأحوال لولا وجود بعض الذين ركبوا التشيع يرفضون ما إتفقت عليه الأمة واستمروا في إثارة القلاقل والفتن
ومن عظمة معاوية انه حكم عشرين سنة بعد تلك الفتن فلم يهيجه احد ولم ينزع الحكم منه احد رغم وجود من هو افضل منه وأولى كعبدالله بن عمر مثلا ورغم وجود من تتفتت اكبادهم حقدا عليه
ولئن كان معتقد الرافضة حقا ،، وهو ليس حق ،، فإن هذا يشهد بعظمة معاوية إذ كيف يتأتى له الوصول إلى الخلافة وفي الأمة ائمة معصومين ،، ثم كيف يثبت في الحكم عشرين سنة والأمر مستتب له يحكم في الناس ويقود الأمة ،، إن معاوية لمن اعظم العظماء إن صح معتقد الرافضة
استخلاف معاوية ليزيد
ربما لو كنت مكان معاوية لرأيت ان الأصلح لحماية الأمة هو تولية يزيد ،، ولننظر بعين الإنصاف ولنأخذ الأمر من جميع جوانبه
بعد الأحداث التي سبقت تولي معاوية خلافة المسلمين نجد ان الأمة اصبحت ممزقة إلى موالين لعلي وقد بلغ ببعضهم الغلو حتى النخاع في علي بن ابي طالب وبعضهم موالين لمعاوية إلا ان الموالين لمعاوية لم يبلغ بهم الغلو والانحراف ما بلغه الذين غلو في علي بن ابي طالب
فلوجود هذا التمزق وأيضا حيث ضعف وازع الدين لدى الناس وانتشار الكثير من الأباطيل التي اذكت الأحقاد وتشرّب قلوب الكثير من الناس للأهواء ولوجود فئات تطمع في تولي الخلافة فإن تولي امر المسلمين يكتنفه مخاطر منها :
·        أن اهل الكوفة لهم مطمع في الخلافة وقد حصل منهم اعمال شغب عديدة وهم جاهزون لكل شر
·        كما ان اهل المدينة يرون ان الخلافة لهم وفيهم فمنهم ظهر الإسلام وانتشر فالخلافة كان مركزها لديهم وصغار الصحابة فيهم
·        واهل الشام والأمويين يرون الخلافة انتقلت إليهم وبالتالي اصبح لهم طمع فيها وقدرتهم وقوتهم متحققة لديهم
فلا أهل الشام والأمويين يمكن ان يسكتوا عن خروج الخلافة منهم ولا اهل الكوفة يريدونها لأهل الشام ولهم مطمع فيها وأهل المدينة هم اهلها والأحق بها ،، وكان يمكن ان ينحصر الطمع بالخلافة في الأمويين في الشام وفي من بقي من الصحابة في المدينة ،، ولكن أي من الطرفين يمكن ان يتولى الخلافة ويثبت فيها مع تحقيق وحدة المسلمين ،، هذا هو السؤال وهنا تأتي الموازنة
فرأينا نحن الآن نتيجة تولي يزيد الخلافة وقد تحقق بفضل الله بقاء الأمة على وحدتها طيلة فترة بني امية ،، ولكن ما الحال لو تولى احدا غير يزيد الخلافة وثار بنو امية عليه وثار اهل الكوفة فانسلخوا من كيان الدولة وانسلخ اهل الشام عن الدولة وتبعهم اهل مصر في ذلك وهكذا ،، لا شك انه سيكون صراع مرير ولن يكون فيه أمثال علي بن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان كما ان الناس ليسوا هم الناس بنقائهم وصفاء عقيدتهم وإقبالهم على الدين
فمن ينطلق في حكمه على ان الناس في صفاء ونقاء الناس الذين كانوا على عهد ابي بكر وعمر فهو واهم ويكون انطلق في حكمه من منطلق ناقص لم يستوعب فيه جميع المؤثرات ولم يحسب فيه حسابها
لا شك ان معاوية بن ابي سفيان نظر إليها من جوانب عديدة في حين ان البعض في زمننا هذا يظن ان الأمر سيستتب لمجرد ان فلانا افضل من يزيد ،، فمن يخطئ معاوية في توليه ليزيد فإنه ينظر من زاوية محدودة ضيّقة لا تجعل حكمه صائب
وقد يقول قائل فإن يزيد فعل ما فعل ،، فنقول هذا ما حصل وكثير منه اكاذيب فهل لو تولى غير يزيد فالأمور ستكون افضل ،، لا شك ان من سيجزم ان الأمور ستكون افضل انه إنما ينطلق من هوى نفسه لا من حقائق وانه إنما ينطلق من تصور قاصر جدا ونظرة ضيّقة تجعله تصوره وحكمه خاطئ