الخميس، 6 يونيو 2013

تهافت ادلة واستدلالات القائلين بجواز التوسل بأصحاب القبور

تهافت ادلة واستدلالات القائلين بجواز التوسل بأصحاب القبور
دار ناقش مع احد الذين يؤمنون بجواز التوسل بأصحاب القبور ،، والمشكلة انه توقّف عند نقطة ورفض تجاوزها لنُكمل النقاش ،، توقّف حين رفض الإجابة على سؤال تم طرحه عليه ،، والحقيقة انه من غير الممكن استكمال ما نحن فيه إذا لم يستكمل صاحبنا الخطوة التي وقف هو عندها ،، من غير الممكن لإنه يُصبح كمن يريدك أنْ تبلغ طريق ودون ذلك الطريق هوّة سحيقة لا يمكن تجاوزها ،، فهو يصرّ على المضي دون ان يحل الإشكال ودون ان يردم الهوّة
ورأيت ان اطرح ملخص ما دار ولعل صاحبنا ان يعود هو او غيره فيُجيب على السؤال الذي تهرب هو منه ،، والملخص هو كما يلي :
بداية طلب هو ان نطّلع نحن على الوثائق في حسابه وكانت بداية جيدة فقد رأينا بعد الإطلاع عليها انها تنقسم إلى ثلاثة اقسام هي :
القسم الأول :   يشمل إيراده لصور من كتب منسوبة لعلماء يرون ويُجيزون التوسل بمن في القبور
القسم الثاني :   ذكر قصة العتبي ،، وقصته تقول كما جاءات عن القرطبي في تفسيرة (روى أبو صادق عن علي قال : قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام ، فرمى بنفسه على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثا على رأسه من ترابه ؛ فقال : قلت يا رسول الله فسمعنا قولك ، ووعيت عن الله فوعينا عنك ، وكان فيما أنزل الله عليك ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم الآية ، وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي . فنودي من القبر إنه قد غفر لك .)
او أنها تُروى بصيغة اخرى وهي (أن الْعُتْبِيّ قَالَ : كُنْت جَالِسًا عِنْد قَبْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ أَعْرَابِيّ فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللَّه سَمِعْت اللَّه يَقُول " وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ جَاءُوك فَاسْتَغْفَرُوا اللَّه وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُول لَوَجَدُوا اللَّه تَوَّابًا رَحِيمًا " وَقَدْ جِئْتُك مُسْتَغْفِرًا لِذَنْبِي مُسْتَشْفِعًا بِك إِلَى رَبِّي ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُول : يَا خَيْر مَنْ دُفِنَتْ بِالْقَاعِ أَعْظُمه فَطَابَ مِنْ طِيبهنَّ الْقَاع وَالْأَكَم نَفْسِي الْفِدَاء لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنه فِيهِ الْعَفَاف وَفِيهِ الْجُود وَالْكَرَم ثُمَّ اِنْصَرَفَ الْأَعْرَابِيّ فَغَلَبَتْنِي عَيْنِي فَرَأَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ فِي النَّوْم فَقَالَ : يَا عُتْبِيّ الْحَقْ الْأَعْرَابِيّ فَبَشِّرْهُ أَنَّ اللَّه قَدْ غَفَرَ لَهُ " .)
القسم الثالث :   استشهاده بقوله تعالى (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً)
هذا هي فئات ما في وثائق صحابنا هداه الله
وأما الرد على تلك النقاط فسهل ميسّر والحمد لله وهو كما يلي بدء من الثالث وإنتهاء إلى الأول :
ثالثا :   الإستشهاد بقوله تعالى (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً) ،، فإستشهاده بهذه الأية لا يشهد لهم ،، فليس في الآية أمر من الله لهم ان يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يستغفر لهم ،، فسقط استدلال هؤلاء القوم بهذا الآية ولا حاجة أنْ نُكمل
ثانيا :   قصة العتبي قصة متهالكة ،، قصة متهالكة لا تصلح حتى لتكون قصة تُروى للأطفال لو سلمت من الضلال الذي هو فيها ،، فالعتبي او الأعرابي هما ليس ممن يؤخذ الدين منهما حتى لو جاء منهما أمر لا يُخالف الشرع فكيف وقد خالف الشرع ،، فالقرآن فيه من الآيات التي تأمر بدعاء الله والإستغاثة به ،، وهذا يرد على هؤلاءوالقوم ومن ذلك قوله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) والأيات مثلها كثير ولم نجد أية واحدة امرت المؤمنين ان يذهبوا إلى النبي ليطلبوا منه ان يستغفر لهم او ان يذهبوا إلى النبي سواء في حياته او إلى قبره وان يسألوه او ان يسألوا الله عنده ،، ولو كان ذلك اكمل او افضل لهدانا الشرع إليه
وقد ثبت ان النبي لا يملك لنفسه شيئا حتى يملكه لهم كما ثبت ذلك بقوله تعالى (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) وقد ثبت في الصحيح ان النبي قال لعشيرته وقال لاخص اقرباءه انه لا يُغني عنهم من الله شيئا ،، فهل يُغني النبي لهؤلاء الذين خالفوا الدين شيئا ،، إن هؤلاء المتوسلين بأصحاب القبور قد كرهت نفوسهم دين الله فضلوا عن سواء السبيل ذلك انهم إنما استحبوا التوسل بأصحاب القبور على التوجه إلى الله بالدعاء وطلب المغفرة
اولا :   وقد آخّرت الرد على هذه النقطة لأنها هي النقطة التي تعثّر عندها صاحبنا ورفض التقدّم فيها قيد أنمله ،، وقد كنت اريده ان يخطوا في ذلك الإتجاه ويُجيب على السؤال لنستكمل ما بعدها ونناقش اقوالهم وفق قال الله وقال رسوله ،، فالإجابة على السؤال يُعتبر تسلسل منطقي للتقدم خطوة في هذا الأمر ،، تماما مثلما تتقدم في حل مسألة رياضية فتخطوا خطوة بعد خطوة إلى ان تصل إلى حل المسألة
فصاحبنا يستشهد بأقوال علماء لهم مكانة ،، وعنده أنهم بما انهم قالوه فإنه يجب ان يكون صواب ،، هذا هو ما عليه صاحبنا ،، قاله علماء ،، إذن يجب ان يكون صواب ،، ولا يشك عاقل ان هذا تصور فاسد وضلال مبين ،، إذ لو كان يصحّ لما كان هناك عيب على الأقوام الضالين الذين يتّبعون علماءهم ،، فإن قال صاحبنا : "ليس الأمر كذلك وإنما يجب إتباع العلماء الذين هم على الحق" ،، قُلنا له ،، فإذن يجب وضع آلية لتحديد اي العلماء هم على الحق من الذين ليسوا على الحقق ،، لأنه تبين ان هناك علماء قالوا به وعلماء قالوا بخلافه
وهذا هو السؤال الذي رفض صاحبنا رفضا قاطعاً ان يُجيب عليه ونعيد السؤال بشكل اوضح وهو :
هناك علماء قالوا بجواز التوسل او بإستحبابه ،، وعلماء قالوا بعدم جواز التوسل وحرمته ،، فمن المحق من هؤلاء ومن المخطئ ،، نريد منه إجابة بالدليل ،،،
فلماذا هو يأخذ بشيء لأن علماء قالوه ولا يأخذ بخلافه رغم ان علماء ايضا قالوه ،، فإن كان السبب هو ان علماء قالوا به فإن علماء ايضا آخرين قالوا بخلافه فيسقط هذا السبب ولا يوجد سبباً آخر لديه غير إتباع الهوى
والواجب علينا في مثل هذه الامور ان نبحث عن الذي قوله يوافق الشرع ويكون عليه ادلة وبراهين لا ان نأخذ بقول قاله علماء لا لشيء إلا لأنهم قالوا به فقط لا غير
بقيت نقطة اخيره وهي ان صاحبنا يريد منّا ان نصدر حكما على اؤلئك العلماء ،، وإصدار مثل هذا الحكم من من هو قليل العلم مثلي او من مثل من هو اعلم مني فيه نظر ،، إذ ان ذلك يتطلب امرين هما :
الأول :   التحقق من انهم قالوه وصحة نسبته إليهم ومراجعة اكثر من نسخة وكذلك مراجعة المخطوطات ثم التحقق من مرادهم والتحقق من انهم لم يرجعوا عنه ومثل ذلك يتطلب وقت ودراسة ومراجعة وبحث وعرض اقوالهم التي ذكرها على اقوالهم في كتبهم الأخرى ،، وهذا امره يطول ويحتاج إلى ذوي علم ودراية ،، وقد المح صاحبنا إلى رغبته في ذلك حين قال خذوا راحتكم ووقتكم ،، فكأن مقصده هو ان يتم تعليق الموضوع فيهرب من إستحقاقات السؤال المطروح عليه
الثاني :   معرفة حكم الشرع في ذلك الأمر في امثالهم
لعل صاحبنا وجد في سؤاله ذلك مخرجا يُنجيه من إستحقاق ما سلناه رغم ان سؤالنا سابق لسؤاله ،، فما هو مقصد صاحبنا من حرصه على إصدار حكم على هؤلاء العلماء ،، في ظني ان مقصده احد الأسباب التالية:
الأول :   انه يريد إحراجنا وجعلنا امام امرين احلاهما مر ،، فإما ان نطعن في علماء حصل منهم خطأ او ان نسكت على خطأ وقع منهم ونقرّه ،، او انه يريد إثارة الآخرين المحبين لهؤلاء العلماء علينا
الثاني :   انه يريد ان نتكلم بغير دراية فيكون له مطعن فيما نقول حين يُخرج اقوال لعلماء تخالفنا ،، يريد ذلك ليتحقق له تزييف إنتصار وهمي من منطلق أنه طالما اخطأنا في هذه النقطة فنحن ايضا مخطئين في تحريم التوسل ،، مع انه لا علاقة لهذه بهذه ولا الخطأ هنا ينجّر هنا ولكن الذين هم مفلسين من الأدلة لا يجدون لهم إلا مثل هذه الأساليب للشعور بإنتصار متوهم
الثالث :   انه يريد الدخول في امر يستهلك النقاش ويكون له فيه متاهات تؤمن له مخارج هروب فلا يخرج من النقاش فيها للإجابة على السؤال أبدا بحجة انه يجب استكمال النقاش قبل الإنتقال إلى السؤال
وفعله هذا مشابه لما سعى إليه فرعون حين حاول جر موسى ليجعله يطعن في القرون الأولى ليُثير حفيظة من حوله ضد موسى او ان يُثبت موسى سلامة موقف القرون الأولى فيكون في ذلك طعنا في الدين الذي جاء به موسى ،، أو ان فرعون كان يقصد من ذلك ان يحصل له مجالا للنقاش في امر القرون الأولى يتحقق له فيه إنشاغل عن اصل الموضوع فيحصل التشتيت وتتحقق له مخارج بعد ان حاصرته الآيات واسقط في يده ،، وقد ذكر القرآن ذلك كما في قوله تعالى (قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى (52))

ندعوا صاحبنا وكل من يؤمن بجواز التوسل بأصحاب القبور ان يتقوا الله في أنفسهم وان يراجعوا ما هم عليه فإن اختبار الحياة الدنيا واحد ليس له رجعة للرجوع عما نُهوا عنه ،، يقول الله سبحانه وتعالى (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنْ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (58) بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ (59))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق