الأربعاء، 16 يناير 2013

موقف اهل السنة من معاوية


موقف أهل السنة من معاوية
وقع اهل الضلال في معاوية مجانبين بذلك الصواب وحتى نبيّن موقف اهل السنة من معاوية فإنه ولتصور اوضح فإن فترة معاوية تنقسم إلى ثلاث فترات الأولى قبل خلافة علي والثانية اثناء خلافة علي والحسن والثالثة بعد تنازل الحسن
قبل خلافة علي بالنسبة لنا نحن أهل السنة فقد استعمله ابو بكر وعمر وعثمان فلا غبار عليه عندنا واستعمالهم له يمنحه الثقة فيه
اثناء خلافة علي كان معاوية يطالب بالقصاص من قتلة عثمان وكانوا في جيش علي ،، ومطالبته بدم عثمان لا غبار عليها ايضا عندنا إذ كان محقا في مطالبته بدم عمه عثمان فهو ولي دمه كما ان المطالبة بالقصاص من قتلة عثمان هو مطلب عام إذ ان عثمان قُتل وهو خليفة المسلمين
اين مدار الخلاف إذن بين علي ومعاوية ؟ ،، مدار الخلاف حسب ما لدينا من نقولات تقول ان معاوية يطالب بالقصاص في حين ان علي يرى تأخير القصاص ،، هذا هو مدار الإختلاف في حقيقة الأمر بين علي ومعاوية رضي الله عنهما
ونحن أهل السنة نرى ان عليا اقرب إلى الحق من معاوية ،، فما الذي جعلنا نقف إذن مع معاوية بعد تنازل الحسن له
بداية نقول ان موقف اهل السنة – وليس هناك مسلمين غيرهم اصلا آنذاك – كان منقسم إلى ثلاثة اقسام ،، قسم مع علي وقسم مع معاوية وقسم على الحياد ،، فإذا قيل ان اهل السنة مع معاوية قلنا واهل السنة كانوا ايضا مع علي ،، فأهل السنة كانوا مع الطائفيتين إضافة إلى الذين كانوا على الحياد ،، إذ لم يكن هناك الا اهل السنة ،، ونقول انه لم يكن هناك الا اهل السنة رغم ان هذا مصطلح لم يكن قد ظهر بعد ولكن لأن المسلمين آنذاك يتوافق معتقدهم مع معتقد أهل السنة او ان اهل السنة يتوافق معتقدهم مع معتقد المسلمين آنذاك بفئاتهم الثلاث الذين مع علي او مع معاوية او على الحياد
فلا يمكن لأحد ان يقول ان اهل السنة كانوا مع معاوية ضد علي ولكن يقال ان اهل السنة منقسمين فبعضهم مع علي وبعضهم مع معاوية وبعضهم على الحياد
والذين مع علي كانوا هم الأقرب للحق والذين وقفوا على الحياد لم يتبيّن لهم اين هو الحق والذين كانوا مع معاوية كانوا يرون ان الحق معهم او يرون انهم هم اقرب للحق
استمرت الفتنة وقتل الخوارج عليا رضي الله عنه ثم تولى الحسن الخلافة وبقي إنقسام المسلمين الذين هم أهل السنة كما هم من قبل فبعضهم مع الحسن وبعضهم مع معاوية وأخرون على الحياد حتى قام الحسن بالتنازل عن الخلافة لمعاوية ،، وبذلك صار أهل السنة بفئاتهم الثلاث مع معاوية
ولئن كان معاوية هو زعيم الفئة التي قتلت عمّار - في نظر البعض - فإن الحسن تنازل له عن الخلافة ولا شك ان تنازل الحسن يشهد لمعاوية إذ لو كان معاوية غير جدير بالخلافة لما تنازل الحسن له ولما ساغ للحسن شرعا ان يسلم رقاب المسلمين لمن هو ليس أهلا لها ،، وإن موقف الصحابة الذين اجتمعوا على معاوية وبايعوه يجب ان يكون قدوة لنا ،، فلا يمكن ان نكون نحن اشد تدينا او اعرف بمصلحة الإسلام او احرص عليها من الصحابة آنذاك ،، فالواجب ان يسعنا ما وسعهم
وهنا في موقف أهل السنة من معاوية ينطلق أهل السنة من عدة أعتبارات لا إعتبار واحد فقط في حين ان الرافضة ينطلقون من إعتبار واحد فقط وهو ان عمار تقتله الفئة الباغية ويضاف إلى ذلك غلوهم في علي وأبناءه ويهملون بقيّة الإعتبارات
فإذا أخذنا في الإعتبار النقاط التالية :
  • ان معاوية من المسلمين
  • ان ما حصل كان فتنة وان معاوية محق في مطالبته وهو مصيب في مطالبته بالقصاص ولكن الخلاف هي يكون قبل المبايعة ام بعدها
  • ان هناك من هم من خيار الصحابة ممن يرى صواب معاوية او لم يتبيّن له الصواب ،، وهذه نقطة جديرة بالإهتمام إذ لم يكن معاوية شاذا في ذلك عن بقية الصحابة
  • ان من يطعن في معاوية منشأه ناتج من الغلو في علي حتى اصبح أهل الغلو يرون معه ان علي إمام منصب من عند الله وأن ابابكر اغتصب الخلافة منه ،، وهذا الغلو باطل محض ولا يصح فعلي وهو من كبار خيار الصحابة إلا انه لم يكن إمام منصب من عند الله ولا من عند رسوله ولا كان معصوما ولا كانت الخلافة لا تجوز إلا له بل إن خلافة النبي لم تكن تجوز إلا لأبي بكر لقول النبي : يأبى الله والمؤمنون إلا ابابكر
  • والبغي إما يكون عمدا وفاعله يعلم انه مرتكب للبغي وإما ان يكون بغي بسبب تأول ،، ومعاوية لم يكن باغيا وذلك بدلالات عديدة منها ان مطلبه كان مشروع وان كثير من الصحابة كانوا إما مع معاوية او كانوا على الحياد لخفاء الحق عنهم ولو تبين لهم الحق لما جاز لهم إلا الوقوف مع الحق لأن الله امر بقتال التي تبغي حتى تفيء إلى امر الله كما في قوله تعالى (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ،، علما ان معاوية محق ولكن علي اقرب إلى الحق منه
  • ان الإقتتال بين علي ومعاوية لم يكن بسبب ان معاوية كان يكفر بالإمامة او العصمة ،، فيسقط زعم الروافض من اول الطريق وهذه نقطة جديرة بالتوسع فيها وبإنشاء المقالات فيها إذ لم يقاتل عليا احدا على الإيمان بالإمامة أو العصمة
  • وجود هذا حديث "عمار تقتله الفئة الباغية" في كتب اهل السنة يثبت ان اهل السنة ليسوا ممن يكتبون ما يوافق اهواءهم او يناسب ما يودونه وإنما يثبت انهم اهل حق فيكتبون ما يثبت عن النبي ثم يصوغون معتقداتهم وفقا له وليس مثل الرافضة الذين لا يصدقون من الروايات إلا ما يوافق اهواءهم ولو كانت بدون سند ويكفرون بما يخالف اهواءهم ولو كانت متواترة
  • ان التصديق بهذه الرواية وحدها من صحيح البخاري او من كتب الصحاح وتكذيب ما سواها هو ضلال مبين ،، فإما ان يكون كل ما في كتب الصحاح صحيح او لا يكون كل ما فيها صحيح او ان بعضها صحيح وبعضها غير صحيح ،، فلمن اراد ان يؤمن بهذا الحديث وحده دون غيره فعليه ان يؤمن بكل ما في البخاري ومسلم او ان يبيّن لنا وبسبب مقنع لماذا يؤمن بهذا الحديث وحده ويكفر بما سواه

ومن هذا المنطلق يثبت صحّة ما عليه أهل السنة الذين كانوا مع علي ثم مع الحسن ثم مع معاوية حين تنازل له الحسن وإن كان بعضهم لم يتبيّن له الحق او ان بعضهم ظن ان الحق مع معاوية
ونركّز على ان هناك اعتبارات عديدة ينطلق منها أهل السنة في شأن معاوية وليس كما تصوره الرافضة الذين مدار حكمهم عليه هو مقتل عمّار والغلو في علي فقط ،، فالأخذ فقط بحديث تقتله الفئة الباغية او يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار هو أخذ بجزئية واحدة وترك باقي إعتبارات أخرى لها أثرها وتأثيرها في الحكم على معاوية ،، ومن الأمور الواجب اخذها في الحكم على معاوية الإعتبارات التالية :
  • انه اسلم وحسن إسلامه ولا يستطيع احدا ان يطعن في إسلامه بأي شكل من الأشكال ،، ومن يطعن في إسلامه فهو يطعن فيه بناء على غلو منكر في علي بن ابي طالب ،، فليثبت اولا غلوه ليطعن بعد ذلك في معاوية ،، فإذا لم يستطع ان يثبت غلوه – ولن يستطيع – فكيف يطعن في إسلام معاوية بناء على شيء لم يثبت ولن يثبت
  • ان خيرة الصحابة استعملوه ومنهم ابابكر وعمر وعثمان وأن إستعمالهم له وخاصة استعمال عمر بن الخطاب له المعروف بشدته في اختيار الرجال يشهد لمعاوية قطعا فلا يمكن لهؤلاء الكرام ان يستعملوا على المسلمين من فيه مطعن
  • ان موقفه مع علي هو محق وإن كان عليا هو اقرب إلى الحق منه
  • ان الحسن تنازل له ولو لم يكن اهل لما تنازل له الحسن ،، فمن يطعن في معاوية فهو في الحقيقة إنما يطعن في الحسن
  • ان خيار الصحابة كابن عباس وعبدالله بن عمر والحسن والحسين وغيرهم قبلوا خلافته فثبت بذلك صواب خلافته ولا يمكن ان يكون اناس في هذا الزمان افضل من أولئك الذين قبلوا خلافة معاوية ويرون فضله ،، فكأن من يأتي ليطعن في خلافة معاوية يقول انه اعلم من ابن عباس وابن عمر ومن الحسن والحسين وسائر صغار الصحابة والتابعين
  • ان الله انقذ به امة الإسلام من خطر عظيم بسبب ما حصل من إنقسام كاد ان يؤدي بها وهذا له حديث آخر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق