السبت، 30 يناير 2016

معاوية هل نحبه

معاوية هل نحبه
كتب إلى اخ فاضل يقول :
أنا مسلم سني،و لا أطعن في معاوية و لكني لا أحبه و لا أترضى عليه،و لا أرى جواز مقارنته بعلي كرم الله وجهه
فأقول : احييك اخي الكريم
وبالنسبة لمعاوية فحملات التشوية من قبل اهل الضلال ومن قبل غيرهم ممن تأثروا ببعض ما نقلته كتب التأريخ مما لا يصح تجعل من البعض لا يحب معاوية
اما حين ننظر إلى معاوية بمنظار الحق فإن نظرتنا إليه ستختلف وسنراه رجل عظيم نفع الله به امة الإسلام وكأني بأن الله ساقه ليلي الخلافة بعد علي ليحفظ على الأمة وحدتها ،، وفقط اريدك ان تنظر للأمور التالية :
لا نشك للحظة ان علي بن ابي طالب افضل من معاوية لسابقته ولأنه من العشرة المبشرين بالجنة ولا خلاف في ذلك بين اهل السنة قاطبة
ان يكون الرجل افضل في التقوى من رجل آخر لا يعني ان الأفضل في التقوى افضل في قيادة الأمة ،، وهذا واضح ،، وفي نظري ان معاويه وهبه الله قدرات قيادية لقيادة الأمة فقد ورد عن ابن عمر انه قال انه لم يرى بعد النبي من هو اسود من معاوية (اسود من السؤدد) قيل اسود من ابي بكر وعمر قال : ابو بكر وعمر خير من معاوية ولكن معاوية اسود منهما
فمعاوية يتمتع بصفات نادرة وهبها الله له منها السؤدد ومنها الحلم ومنها الدهاء ،، وفي نظري ان معاوية خُلق قائدا ملكا زعيما
وحين ننظر لحال الأمة بعد فتنة مقتل عثمان بن عفان نجد ان الفتنة تتمثل في عدم وجود حكم في ما يجب حين يكون المقتول هو الخليفة ،، هناك حكم ان القاتل يُقتل ولكن من يقتله ،، يقتله الخليفة او والي الخليفة ،، لكن حين يكون المقتول هو الخليفة نفسه فليس هناك حكم انه يجب القصاص اولا او اختيار خليفة اولا ،، وهذا كان مدار الخلاف بين بعض الصحابة ومنهم معاوية وبين علي بن ابي طالب
ومعلوم ان الذين خرجوا إلى الكوفة آنذاك ومنهم الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وهما من المبشرين بالجنة ومنهم عائشة بنت الصديق وغيرها من الصحابة هدفهم القصاص من قتلة عثمان فقط
ويدور في نفسي تساؤل لماذا علي بن ابي طالب لم ينحاز بمن معه عن القتلة ومن يواليهم ليجعل الذين خرجوا يريدون القصاص ينفذون القصاص ،، هل ان ذلك لا يجوز شرعا ربما
وارى ان ما حصل في خلافة الخلفاء الراشدين امر قدره الله ليستخرج منه الخلفاء الراشدين الأحكام الشرعية التي لم تكن لتظهر في وقت النبي ،، فالمرتدين او مانعي الزكاة لم يكن ليظهروا في وقت النبي فسن لنا ابو بكر قتالهم والنص على خليفة من بعده وجمع القرآن وعمر بن الخطاب دون الدوواين وله الشروط العمرية في فتح بيت المقدس واقام صلاة التراويح وغير ذلك وسن لنا ترك الخلافة في جمع من النفر يختار المسلمين من بينهم وعثمان بن عفان بيّن لنا الحكم فيما يجب تجاه الخليفة حين يشغب عليه بعض الفاسق وعلي بن ابي طالب بيّن لنا ما يجب حين تحصل فتنة اقتتال بين المسلمين والحسن بن علي بين لنا التنازل لحق الدماء وهكذا (في نظري الحسن بن علي من الراشدين لأن مدة خلافته وهي حوالي ستة اشهر كانت ضمن الثلاثين سنة التي اخبر النبي انها خلافة راشدة)
وقد امرنا النبي ان نلتزم سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعد وقبل ذلك اثنى الله على السابقين وعلى من إتبعهم ولا شك ان علي من السابقين لأن الله بين السابقين في قوله تعالى (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا)
فضل معاوية
ونرى انه بعد الفتنة العظيمة التي بدأت بمقتل عثمان بن عفان وما اعقبه من إنقسام في الأمة وفي الصحابة تمحور حول على بن ابي طالب من جهة والزبير وطلحة ومعاوية وعائشة وغيرهم من جهة اخرى قد اصاب الأمة في مقتل وتأصل التأثير في نفوس كثير من الناس إضافة إلى بعدهم عن مثل حياة الصحابة وقت النبي وتشرّب نفوس الناس للأهواء وتعصبهم لمواقفهم قد جعل الأمة من وجهة نظري مؤهله للتمزق والتشرذم لولا ان الله قيّض لها معاوية فوحّد الله به الأمة وحفظها به ،، وفي نظري انه لو تولى الخلافة بعد علي احدا غير معاوية لما بقيت للأمة وحدتها ،، فعبدالله بن عمر مثلا في زمانه ارى انه افضل اهل زمانه ولكن ابن عمر لم يكن يمتلك المؤهلات المطلوبة والتي حظي بها معاوية ،، فلا الناس بعد علي هم الناس وقت النبي ولا غير معاوية يمتلك الحلم والدهاء والسؤدد كما يمتلكه معاوية
استخلاف معاوية لأبنه يزيد
وهنا ارى ان معاوية موفق في اختياره ،، ليس لأن يزيد افضل اهل زمانه او انه ليس في زمانه من هو خير منه ،، كلا وإنما لأن نفوس الناس آنذاك قد تأصل فيهم امور من امور الجاهلية ،، التعصب والعصبية ،، والتطلع للإمارة ،، فأهل الكوفة مستعدين للقتال في سبيل الخلافة واهل المدينة يرون انهم احق بها وهم احق بها واهل الشام يرون الخلافة بقيت عندهم عشرين سنة (مدة خلافة معاوية) ومعهم بني امية يرون الخلافة صارت إليهم ،، فمن وجهة نظري انه لو اسند معاوية الخلافة لغير يزيد لحصل ما هو اشد مما حصل بإستخلاف يزيد ولتمزقت الأمة ،، ولو ترك الأمر دون استخلاف لربما تمزقت الأمة ايضا وإنقسمت إلى امصار وطار كل صاحب مصر بمصره ،، ولربما لو تولى الخلافة غير يزيد لما استمرت وحدة الأمة آنذاك والله اعلم
ويبقى ان ننظر إلى ما هدانا الله إليه وهو ان نقول (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق