الأربعاء، 5 سبتمبر 2012

فضل ابي بكر وعمر بن الخطاب في افضل انواع الجهاد


يقول إبن تيمية رحمه الله في منهاج السنة جزء 8 ص 86

فصل ومما ينبغي أن يعلم أن الشجاعة إنما فضيلتها في الدين لأجل الجهاد في سبيل الله وإلا فالشجاعة إذا لم يستعن بها صاحبها على الجهاد في سبيل الله كانت إما وبالا عليه إن استعان بها صاحبها على طاعة الشيطان وإما غير نافعة له إن استعملها فيما لا يقربه إلى الله تعالى فشجاعة علي والزبير وخالد وأبي دجانة والبراء بن مالك وأبي طلحة وغيرهم من شجعان الصحابة إنما صارت من فضائلهم لاستعانتهم بها على الجهاد في سبيل الله فإنهم بذلك استحقوا ما حمد الله به المجاهدين 

وإذا كان كذلك فمعلوم أن الجهاد منه ما يكون بالقتال باليد ومنه ما يكون بالحجة والبيان والدعوة قال الله تعالى ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا سورة الفرقان فأمره الله سبحانه وتعالى أن يجاهد الكفار بالقرآن جهادا كبيرا وهذه السورة مكية نزلت بمكة قبل أن يهاجر النبي وقبل أن يؤمر بالقتال ولم يؤذن له وإنما كان هذا الجهاد بالعلم والقلب والبيان والدعوة لا بالقتال

وأما القتال فيحتاج إلى التدبير والرأي ويحتاج إلى شجاعة القلب وإلى القتال باليد وهو إلى الرأي والشجاعة في القلب في الرأس المطاع أحوج منه إلى قوة البدن وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما مقدمان في أنواع الجهاد غير قتال البدن

قال أبو محمد بن حزم وجدناهم يحتجون بأن عليا كان أكثر الصحابة جهادا وطعنا في الكفار وضربا والجهاد أفضل الأعمال قال وهذا خطأ لأن الجهاد ينقسم أقساما ثلاثة

أحدها الدعاء إلى الله تعالى باللسان

والثاني الجهاد عند الحرب بالرأي والتدبير

والثالث الجهاد باليد في الطعن والضرب

يقول إبن حزم : فوجدنا الجهاد باللسان لا يلحق فيه أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر ولا عمر أما أبو بكر فإن أكابر الصحاب أسلموا على يديه فهذا أفضل عمل وليس لعلي من هذا كثير حظ وأما عمر فإنه من يوم أسلم عز الإسلام وعبد الله علانية وهذا أعظم الجهاد وقد انفرد هذان الرجلان بهذين الجهادين اللذين لا نظير لهما ولا حظ لعلي في هذا

وبقي القسم الثاني وهو الرأي والمشورة فوجدناه خالصا لأبي بكر ثم لعمر

بقي القسم الثالث وهو الطعن والضرب والمبارزة فوجدناه أقل مراتب الجهاد ببرهان ضروري وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاشك عند كل مسلم في أنه المخصوص بكل فضيلة فوجدنا جهاده صلى الله عليه وسلم إنما كان في أكثر أعماله وأحواله بالقسمين الأولين من الدعاء إلى الله عز وجل والتدبير والإرادة وكان أقل عمله الطعن والضرب والمبارزة لا عن جبن بل كان أشجع أهل الأرض قاطبة نفسا ويدا وأتمهم نجدة ولكنه كان يؤثر الأفضل فالأفضل من الأعمال فيقدمه ويشتغل به

ووجدناه يوم بدر وغيره كان أبو بكر معه لا يفارقه إيثارا من النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك واستظهارا برأيه في الحرب وأنسا بمكانه ثم كان عمر ربما شورك في ذلك وقد أنفرد بهذا المحل دون علي ودون سائر الصحابة إلا في الندرة

ثم نظرنا مع ذلك في هذا القسم من الجهاد الذي هو الطعن والضرب والمبارزة فوجدنا عليا لم ينفرد بالسيوف فيه بل قد شاركه فيه غيره شركة العيان كطلحة والزبير وسعد ومن قتل في صدر الإسلام كحمزة وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ومصعب بن عمير ومن الأنصار سعد بن معاذ وسماك بن خرشة يعني أبا دجانة وغيرهما ووجدنا أبا بكر وعمر قد شاركاه في ذلك بحظ حسن وإن لم يلحقا بحظوظ هؤلاء وإنما ذلك لشغلهما بالأفضل من ملازمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومؤازرته في حين الحرب وقد بعثهما على البعوث أكثر مما بعث عليا وقد بعث أبا بكر إلى بني فزارة وغيرهم وبعث عمر إلى بني فلان وما نعلم لعلي بعثا إلا إلى بعض حصون خيبر ففتحه

فحصل أرفع أنواع الجهاد لأبي بكر وعمر وقد شاركا عليا في أقل أنواع الجهاد مع جماعة غيرهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق